يعد الوضع الراهن بمثابة لحظة حاسمة للعلاقة بين الصين والاتحاد الأوروبي، حيث يطلب رئيس التجارة في الاتحاد المزيد من الشفافية والعدالة من بكين.
“نحن نقف في مفترق طرق. يمكننا اختيار طريق نحو علاقات متبادلة مجديّة. طريق يستند إلى التجارة والاستثمار المفتوحين والعادلين، والعمل المشترك على التحديات الكبرى في زماننا”، وذلك حسبما قال فالديس دومبروفسكيس، النائب التنفيذي للمفوضية الأوروبية، في جامعة تسينغهوا في بكين يوم الاثنين.
وأضاف: “أو يمكننا اختيار طريق يفصل بيننا تدريجياً. طريق يضعف وتتضاءل معه المصالح المشتركة التي استمتعنا بها في العقود الأخيرة. ونتيجة لذلك، يواجه شعوبنا واقتصاداتنا فرصًا أقل”.
ومن الجدير بالذكر أن تلك التصريحات تعد واحدة من أقوى التصريحات التي تأتي على لسان المسؤولين الأوروبيين وذلك على إثر بيانات تظهر أن الاتحاد الأوروبي سجل عجزًا تجاريًا يقارب 400 مليار يورو مع الصين في عام 2022.
كما قال دومبروفسكيس يوم السبت أمام الجمهور في شنغهاي، حيث بدأ رحلته الرباعية إلى الصين في وقت متأخر من الأسبوع الماضي،”في العام الماضي، سجل الاتحاد الأوروبي تجارة ثنائية مسجلة مع الصين بقيمة 865 مليار يورو (921 مليار دولار). لكن هذا غير متوازن للغاية، لأن الاتحاد الأوروبي يعاني من عجز تجاري يقارب 400 مليار يورو”.
وقد جاءت هذه الزيارة -التي استغرقت وقتًا طويلاً للتحضير لها- بالصدفة قبل أقل من أسبوعين من فتح المفوضية الأوروبية، الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، تحقيقًا في الدعم الصيني لمصنعي السيارات الكهربائية.
بينما يؤكد الاتحاد الأوروبي أن الدعم الصيني للسيارات الكهربائية يخلق تشوهات في السوق الأوروبية، تنتقد السلطات الصينية ما وصفته بـ “وجهات النظر الحمائية” من بروكسل.
وسيشرح دومبروفسكيس في رحلته لنظرائه الصينيين أن الاستجواب يهدف إلى إنشاء ممارسات تجارية أكثر عدالة، وأن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم قطع العلاقات مع بكين.
الاتحاد الأوروبي يسعى لتخفيف من حدة المخاطر الصينية
وفي الأشهر الأخيرة، أولت الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الأهمية لفكرة تقليل المخاطر المتعلقة بالصين – وهو مفهوم يحاول أن يتوسط بين فكرة الانفصال الأكثر عدوانية للولايات المتحدة ووعي الاتحاد الأوروبي بأن الصين هي شريك تجاري حيوي.
وأوضح دومبروفسكيس في خطابه في شنغهاي “التخفيف من حدة المخاطر؛ يعني تقليل اعتماداتنا على عدد محدود من المنتجات الاستراتيجية، والعمل بطريقة متناسبة ومستهدفة للحفاظ على استقلاليتنا الاستراتيجية المفتوحة”.
وأكد المسؤولون الأوروبيون أن خطتهم ليست الانفصال عن الصين وسعوا للتأثير على الولايات المتحدة لاتخاذ نفس النهج. وفي بيان مشترك لمجموعة السبع، الاقتصادات السبع الكبرى في العالم، وافقت الولايات المتحدة على ضرورة التخفيف من المخاطر المتعلقة ببكين.
“يبدو أن الصين تنفصل عن أوروبا، وأوروبا تصبح أكثر اعتمادًا على الصين”، حسبما قال ينس إسكيلوند، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، في برنامج “سكوك بوكس آسيا” التابع لشبكة CNBC يوم الاثنين.
وأضاف: “عندما تنظر إلى الحقائق والأرقام، يبدو أن الانفصال يسير في الاتجاه الآخر،” مشيرًا إلى أن الصين كانت تعمل على “تقليل المخاطر لعقود من الزمن.
ومن بين أحد المجالات التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتقليل المخاطر فيها هو قطاع السيارات الكهربائية، بعد أن ارتفعت حصة مبيعات السيارات الصينية المصنعة في أوروبا إلى 8% في العام الحالي. وقد صرح المسؤولون الأوروبيون أن هذه الحصة قد تصل إلى 15% بحلول عام 2025.
وتنطوي تطورات سوق السيارات الكهربائية على أهمية خاصة قبل الموعد النهائي للاتحاد الأوروبي لوقف بيع سيارات الديزل والبنزين الجديدة بحلول عام 2035.
وأضاف إسكيلوند أن شركات صناعة السيارات الأوروبية أنشأت مصانع ولديها ما يصل إلى 95% من سلسلة قيمة الإنتاج الكلية في الصين.