أكدت كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن أهم العوامل التي تقف وراء استمرار ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو هي تحسن أوضاع سوق العمل وارتفاع مستويات الأجور الأوروبية.
وأثناء حديثها في مؤتمر سنترا السنوي في البرتغال، شددت لاجارد على أهمية مواصلة السلطات النقدية في المنطقة على نفس النهج الحالي الذي يعتمد على رفع الفائدة حتم تتم السيطرة على الأسعار، مؤكدة أن منطقة اليورو تعرضت “لصدمات متلاحقة” من تضخم الأسعار منذ القضاء على وباء كوفيد.
وأشارت إلى أن البنك المركزي الأوروبي أحرز “تقدما كبيرا في التعامل مع التضخم، لكنه لا يمكنه إعلان الانتصار عليه بعد”، وذلك من خلال رفع الفائدة من 0.5% إلى 3.5% في الفترة من مارس العام الماضي وحتى رفع الفائدة في اجتماع الشهر الجاري.
وقالت لاجارد إن المرحلة الأولى من التضخم، التي تضمنت تمرير الشركات تكلفة صدمات المعروض في أسواق الطاقة والسلع الأخرى إلى المستهلكين، قاربت على الانتهاء. لكنها أشارت إلى أن مرحلة ثانية بدأت بدفعة من ارتفاع تكلفة العمالة، إذ من المتوقع أن ترتفع الأجور في منطقة اليورو بنسبة 14% في 2025.
وأضافت رئيسة المركزي الأوروبي: “سنواجه عدة سنوات من ارتفاع القيمة الاسمية للأجور مع تفاقم ضغوط تكلفة وحدة العمالة بسبب ضعف الإنتاجية”.
واستمرت: “لا أعتزم الإشارة إلى أي قرارات مستقبلية، بل بالأحرى سأحاول وضع المشكلات التي قد تواجهها السياسة النقدية في الفترة المقبلة في الإطار الصحيح”.
ومن المتوقع أن ينخفض التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 5.6% في يونيو عندما تصدر بيانات التضخم الأوروبية الجمعة المقبلة، وهو ما يشير إلى استمرار معدلات تضخم الأسعار عند مستويات أعلى بكثير من هدف التضخم الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي الأوروبي بـ2.00%، لكنه لا يزال أقل من أعلى مستوى وصلت إليه أسعار المستهلك الأوروبي عند 10.6% في أكتوبر الماضي مع استمرار تباطؤ أسعار الطاقة والغذاء.
لكن المركزي الأوروبي قال إنه سيواصل رفع الفائدة حتى تتراجع الضغوط التضخمية باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بشكل واضح، وهي حسابات التضخم باستثناء مكونات الأسعار الأعلى تذبذبا (الغذاء والطاقة) التي من المتوقع أن ترتفع إلى 5.5% مقابل 5.3% الشهر الماضي.
ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن تنخفض هوامش ربح الشركات بسبب ارتفاع تكلفة العمالة. لكن نجاح تلك الشركات ومؤسسات العمالة في تفادي ربع هذه الخسائر في هوامش الربح قد يهبط بمستويات التضخم إلى 3.00% تقريبا في 2025، بحسب تقديرات لاجارد التي رجحت أن البنك المركزي لا يرى في الوقت الراهن “ارتفاعات حادة في نمو الأجور إلى مستويات أعلى بكثير مما تشير إليه التوقعات الحالية. فكلما ظل التضخم أعلى من الهدف، كلما زادت هذه المخاطر”.
وقالت لاجارد إن البنك المركزي الأوروبي لا يتعرف متى يكون من المناسب أو عند أي حد يكون من المناسب أن يتوقف عن رفع الفائدة، مبررة ذلك بأن السلطات النقدية الأوروبية لم يسبق لها أن رفعت الفائدة إلى المستويات الحالية، 3.5%، وبهذه السرعة، مؤكدة أيضا أنها لا تعلم متى يمكن أن يؤدي رفع الفائدة المستمر إلى هبوط في معدلات التضخم.
وقالت رئيسة المركزي الأوروبي إن البنك سوف يكون في حاجة إلى الالتزام بالحفاظ على معدلات الفائدة مرتفعة طالما اقتضت الضرورة ذلك لضمان انخفاض التضخم. وأشارت إلى أن الإبقاء على معدلات الفائدة عند مستويات مرتفعة لبعض الوقت “من شأنه أن يضمن تؤدي معدلات الارتفاع في الأسعار إلى ظهور توقعات بحدوث انعكاس سريع للغاية في السياسة النقدية، ومن شأنه أيضا أن يسمح بالتأثير الكامل على إجراءاتنا السابقة.”