سيشهد العالم هذا العام انتخابات في دول تمثل أكثر من 60% من الناتج الاقتصادي العالمي وأكثر من نصف سكانه، وهو ما يضع الأسواق أمام “قنبلة صندوق الاقتراع”، كما أشارت مجموعة الخدمات المالية Morningstar، مضيفةً: “تُظهر التجارب السابقة لمخاطر أحداث كهذه أن التغيرات الكبيرة يمكن أن تؤدي إلى عمليات بيع مكثفة”. وفيما يلي نظرة على الانتخابات التي تهم الأسواق، مرتبة حسب الترتيب الزمني تقريباً خلال العام القادم.
أولاً: أوروبا
التواريخ: 10 مارس (البرتغال)، 9 يونيو (بلجيكا)، 6-9 يونيو (البرلمان الأوروبي)، خريف/شتاء (كرواتيا)، نوفمبر (رومانيا)، تاريخ غير محدد (النمسا)
كان قد أدى فوز حزب الحرية اليميني المتطرف بقيادة خيرت فيلدرز في هولندا في نوفمبر الماضي إلى إحياء اليمين المتطرف المتشكك في الاتحاد الأوروبي. يقود نظيره استطلاعات الرأي في النمسا. قد يتضاعف تصويت حزب Chega في البرتغال، على الرغم من تصدر الأحزاب اليسارية هناك.
هذا وتهدف الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى تحقيق مكاسب في الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي، وتتعهد بتشديد سياسة الهجرة وتخفيف الإصلاحات الخضراء.
وبالتالي، قد تعاني الأسهم والسندات الإيطالية، وهي أفضل أداء في أوروبا في عام 2023، إذا اعتُبر تحقيق مكاسب للأحزاب المتشككة في الاتحاد الأوروبي مؤشرًا على إضعاف الالتزام بالاندماج الأوروبي.
وساعدت مسألة قيام الاتحاد الأوروبي بإصدار ديون مشتركة لدعم التعافي بعد الوباء في تقليل المخاطر المتصورة للديون الإيطالية. ومع مشاركة البرلمان الأوروبي بشكل كبير في التشريع وانتخاب رئيس الهيئة التنفيذية للكتلة التالي، تابع ما سيتم إعلانه عن المزيد من الدعم لأوكرانيا وسياسة المناخ.
ثانياً: روسيا
من المرتقب أن تعقد الانتخابات الروسية في 17 مارس 2024، ومن المؤكد أن فلاديمير بوتين، الذي تولى الرئاسة من بوريس يلتسين في آخر يوم من عام 1999، سيفوز بست سنوات أخرى في السلطة. تظهر استطلاعات الرأي أن بوتين يتمتع بنسبة تأييد تزيد عن 80٪ في روسيا. يقول سياسيون معارضون إن الانتخابات هي تقليد ديمقراطي مصطنع ومحكم بعناية.
وفي إطار حملته الانتخابية، قد يكشف بوتين عن المزيد من خططه حول حرب أوكرانيا محذراً الغرب من أن أي محاولات للتدخل في الانتخابات ستُعتبر عملًا عدوانيًا. فيما تدرس حكومات غربية، مثل الولايات المتحدة واليابان، الاستيلاء على أصول روسية المجمدة مثل النقد وسندات حكومية تحتفظ بها بنوكها المركزية في الخارج. وقالت روسيا إنها سترد إذا حدث ذلك.
وتعزز اقتصاد روسيا بزيادة هائلة في الإنفاق الدفاعي على الحرب، على الرغم من أن التضخم العنيد الذي غذاه انخفاض حاد في الروبل أجبر على رفع أسعار الفائدة.
ثالثاً: الولايات المتحدة
ستعقد الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر 2024، من المتوقع أن يفوز دونالد ترامب بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية في الأشهر المقبلة، مما يمهد الطريق لمعركة ضارية مع الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن – إعادة لانتخابات 2020 التي انتهت بهجوم مؤيد لترامب على الكونغرس في محاولة لمنع التصديق على فوز بايدن.
ويواجه ترامب الآن محاكمات جنائية في أربع ولايات ومجموعة من القضايا القانونية الأخرى، بينما لا يزال يدعي زوراً أن انتخابات 2020 قد سُرقت. يصف بايدن خصمه بأنه تهديد للديمقراطية يسعى للانتقام من أعدائه الكثر إذا عاد إلى السلطة.
لم تُعِرِ الأسواق اهتمامًا كبيرًا للعنف الذي تلى الانتخابات الأمريكية قبل أربع سنوات. لكن بالنظر إلى الخطاب الحاد الذي يسود المشهد السياسي حاليًا، فإن إعادة مباراة بين ترامب وبايدن قد تثير قلق المستثمرين بشأن احتمالية حدوث اضطرابات اجتماعية.
وإلى جانب ذلك، قد تؤثر الانتخابات القاسية على ثقة المستهلكين في الوقت الذي يحاول فيه أكبر اقتصاد في العالم تجنب الركود الناتج عن الآثار المتأخرة لرفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
كما يمكن أن تتأرجح قيمة الدولار تبعًا لاحتمالات الفوز في الانتخابات. وقد تتضرر الأسهم بسبب المخاوف من تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة والصين إذا استغل الطرفان شعبية الحواجز التجارية، حيث يرى المحللون أن زيادة التعرفة الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع التضخم وبالتالي تعزيز الدولار وإضعاف اليوان واليورو والبيزو المكسيكي.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي تعهدات أي من الحزبين بخفض الإنفاق إلى عرقلة تجارة سندات حكومية أمريكية معقدة وشائعة تعتمد على زيادة الاقتراض الحكومي. ومن الجدير أيضًا مراقبة قطاع النفط، حيث يدعم ترامب زيادة التنقيب في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي قيده بايدن.
رابعاً: بريطانيا
يتوقع أن تبدأ الانتخابات في بريطانيا بحلول منتصف العام الجاري، ويتصدر حزب العمال المعارض بقيادة زعيمه كير ستارمر، ذو الميول الوسطى اليسارية، استطلاعات الرأي في المملكة المتحدة مقارنة بحزب المحافظين الحاكم.
وفيما يخص المخاطر السوق، فقبل الانتخابات، يمكن أن يؤدي الركود الاقتصادي والميزانية المالية الصارمة إلى زعزعة استقرار سندات الحكومة البريطانية في حالة الإعلان عن أي تعهدات مفاجئة بزيادة الإنفاق. ومن المرجح أن تحتوي ميزانية 6 مارس على تخفيضات ضريبية جديدة.
فيما يخطط حزب العمال لتخفيف قواعد التخطيط العمراني، وهو ما يشكل مخاطرة لشركات البناء، وإجراء تغييرات مستهدفة على قواعد الضرائب يمكن أن تضر بشركات الطاقة. كما يسعى إلى علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، وهو ما قد يعزز الجنيه الإسترليني.