فاجأ قرار المركزي الأوروبي المستثمرين في أسواق المال الذين كانوا يتوقعون خفضا أقل بواقع 25 نقطة أساس أو 0.25% فقط.
ولم يقتصر الأمر على رفع الفائدة إلى مستويات تفوق توقعات الأسواق، إذ أكد البنك المركزي في بيان الفائدة على أن أي رفع لمعدل الفائدة في المستقبل ينبغي أن يكون “مناسبا”، وهو ما فسرته الأسواق على أن السلطات النقدية تستهدف المزيد من رفع الفائدة بوتيرة أسرع.
وحرص المركزي الأوروبي على تقديم تبرير للقرار المفاجئ برفع الفائدة إلى مستويات أعلى من التوقعات من خلال بيان الفائدة الصادر الخميس عقب إعلان تلك القرارات.
وقال بيان السلطات النقدية إن “رفع الفائدة بوتيرة سريعة للخروج بالمعدلات من المستويات السالبة سوف يسمح للبنك المركزي الأوروبي باتباع نهج يتضمن اتخاذ القرار برفع الفائدة وفقا للأوضاع والظروف السائدة قبل كل اجتماع”.
ووافق البنك المركزي الأوروبي على برنامج شراء أصول جديد باسم “أداة الحماية الانتقالية” والذي يستهدف الحد من ارتفاع تكلفة الإقراض على الدول الأوروبية المثقلة بمستويات مرتفعة من الدين.
وكان بيان الفائدة الصادر عن البنك المركزي وتصريحات كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي، بمثابة طوق نجاة لليورو الذي يستعيد بالكاد تعادل القيمة مع الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة.
كما أضفى على لغة البنك المركزي قدرا كبيرا من الجدية حديثه عن بقوة عن آلية للتصدي للأزمة، مما بعث برسالة إلى الأسواق تتضمن أن السلطات النقدية الأوروبية عازمة على مواجهة التحديات الكثيرة التي تواجهها في الوقت الراهن.
وتأتي قرارات لاجارد وشركائها وسط تحديات كبرى تواجه اقتصاد منطقة اليورو، أبرزها الحرب في أوكرانيا، والارتفاعات الهائلة للتضخم، ومخاوف تراجع إمدادات النفط الروسي التي تصدر إلى المنطقة الأوروبية.
كما تعاني المنطقة من الاضطرابات الحادة التي تسيطر على المشهد السياسي في إيطاليا عقب استقالة رئيس وزراء البلاد ماريو دراجي عقب انهيار الائتلاف الحاكم في روما، مما يضع البلاد على مقربة من انتخابات مبكرة.
لحظة تاريخية للاجارد
قالت كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الخميس: “إنها لحظة تاريخية بالنسبة لي لسببين؛ الأول يتضمن أنه من الرائع جدا أن يكون فريق بأكمله، 25 عضوا يشكلون مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، حول مائدة واحدة ولديهم توافق ودعم كاملين لأداة الحماية الانتقالية التي تقع على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للتقدم في اتجاه الانتقال بالسياسة النقدية إلى مرحلة جديدة بالشكل الملائم”.
وأضافت: “لذلك، وفي هذا الصدد، على الأقل من وجهة نظر رئيسة البنك المركزي الأوروبي، نعم، أرى أنها لحظة مثيرة للسعادة. ومعنى ذلك أن طاقم العمل أنجز قدرا كبيرا من العمل من أجل التوصل إلى اقتناع الجميع بنفس وجهة النظر بين جميع أعضاء اللجان، والخبراء، ورؤساء البنوك المركزية لدول المنطقة، من بينهم محافظ بنك ألمانيا بالطبع، الذين عملوا جاهدين حتى نصل إلى وجهة نظر واحدة دون أي تحفظات”.
وتابعت: “إنها المرة الأولى التي نرفع فيها الفائدة ونتحرك من المنطقة السالبة، وهو بالتأكيد ما يسهل لنا بعض الأمور التي سوف نشرحها للمواطنين الأوروبيين حتى نساعدهم على فهم ما نحاول القيام به حتى نخفض مستويات التضخم”.
وفسرت لاجارد ما تريد إيصاله إلى متلقي خطاب البنك المركزي الأوروبي عندما تحدثت عن معدل الفائدة المحايد، قائلة: “إذا سألني أي منكم عن معدل الفائدة المحايد الذي ينبغي العمل به في هذه المرحلة؟ فلن أتمكن من الإجابة”.
وأضافت: “ما ألاحظه هو أن هذا المعدل تغير على مدار السنوات القليلة الماضية، لكن الأسواق ترى أنه تعرض لعملية ضبط كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية”.
ومعدل الفائدة المحايد هو حساب معدل الفائدة الذي ينبغي أن يطبقه البنك المركزي في ضوء معدل البطالة ونمو الوظائف ونمو الأجور، وهو ما أثار تكهنات بأن البنك المركزي الأوروبي مستمر في رفع الفائدة بوتيرة سريعة في المرحلة المقبلة، إذ أنه لا يزال بعيدا عن معدل الفائدة المحايد.