تنتظر الأسواق قرارات السياسة النقدية من البنك المركزي الأوروبي الخميس المقبل وسط توقعات برفع السلطات النقدية في أوروبا معدل الفائدة للمرة الأولى في أكثر من عقد من الزمن.
ويتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة بـ 25 نقطة أساس إلى 0.25-% مقارنة بالمستويات المطبقة في الوقت الراهن عند 0.5-%.
وفي حالة تحقق تلك التوقعات، يرفع البنك المركزي الفائدة للمرة الأولى في أكثر من عشر سنوات ليكون التحرك الأول بالفائدة صعودا منذ عام 2014.
ومن المرجح أن الدافع الأكبر وراء التحول المرتقب للسلطات النقدية الأوروبية عن مسار التيسير الكمي هو ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية، إذ ارتفعت أسعار المستهلك في منطقة اليورو بواقع 8.6%، وفقا للقراءة الأحدث للمؤشر في المنطقة.
وتشير توقعات نشرتها وكالة أنباء رويترز في الأيام القليلة الماضية إلى إمكانية أن يلجأ صناع السياسة النقدية الأوروبيون إلى رفع الفائدة بـ 50 نقطة أساس لاحتواء الأثر السلبي الكبير للارتفاعات الهائلة للتضخم على اقتصاد المنطقة.
كما أشارت توقعات رويترز أن تكشف السلطات النقدية النقاب عن خطة لمساعدة الدول التي تعاني من مستويات مديونية مرتفعة مثل إيطاليا، وهي الخطة التي تستهدف استيعاب الأثر المتوقع لارتفاع تكلفة الاقتراض على تعاملات أسواق السندات السيادية.
وأكدت مصادر لرويترز أن تلك الخطة المحتملة تتطلب من المركزي الأوروبي الالتزام بقواعد المفوضية الأوروبية الخاصة بالإصلاحات ونظام الموازنة.
الفيدرالي وإيطاليا
يأتي رفع الفائدة الأوروبية وسط سلبيات تحاصر منطقة اليورو، أبرزها استمرار الحرب في أوكرانيا والأزمة السياسية التي تهدد بانهيار الائتلاف الحاكم في إيطاليا.
لذا من الواجب أن تعمل الخطة النقدية التي تنتظرها الأسواق على رفع الفائدة من أجل السيطرة على الأسعار وكبح جماح التضخم دون زيادة الأعباء التي تثقل كاهل الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي الأوروبي التي ترتفع مستويات الدين لديها.
بالإضافة إلى المعاناة على صعيد أزمة الحرب في أوكرانيا والأزمة السياسية في إيطاليا، هناك أيضا اتساع الفارق بين معدل الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي ومعدل الفائدة للمركزي الأوروبي، خاصة بعد أن رفع الفيدرالي الفائدة 150 نقطة أساس منذ مارس الماضي.
على النقيض من الفيدرالي، يقف المركزي الأوروبي دون حراك على صعيد مكافحة الارتفاعات الحادة في أسعار المستهلك منذ بداية تلك الأزمات التي توالت في الظهور، مخلفة الكثير من الآثار السلبية على العالم ومنطقة اليورو في السنوات القليلة الماضية.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يعلن رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراجي استقالته من منصبه أمام البرلمان الخميس المقبل رغم فوزه بتصويت على الثقة الأربعاء.
وأصبحت استقالة دراجي شبه مؤكدة بعد أن امتنعت الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الحاكم عن التصويت على الثقة في رئيس الوزراء الإيطالي، مما يُعد ضربة سياسية لرئيس الحكومة.
ورغم ظهور مؤشرات أولية في بداية يوم التداول الأربعاء إلى إمكانية استمرار الحكومة برئاسة دراجي في روما، اتسعت هوة الانقسام السياسي بين مكونات الائتلاف الحاكم، مما يرجح كفة إجراء انتخابات مبكرة في الخريف المقبل.
وباستقالة دراجي، تنتهي فترة عاشت فيها إيطاليا استقرار سياسية وتبدأ الاضطرابات والمخاوف في تهديد وحدة الاتحاد الأوروبي بعد عام ونصف تولي فيها دراجي رئاسة وزراء إيطاليا، ثالث أكبر اقتصادات منطقة اليورو، اعتبره خلالها كثيرون ضمانا لاستقرار المشهد السياسي في روما.
يُذكر أن الفارق بين الفائدة الفيدرالية والأوروبية، ومخاوف الركود، وأزمة الحرب في أوكرانيا، ومخاوف العجز الصارخ في منتجات الطاقة بسبب ممارسات روسيا التي تستهدف الحد من صادراتها من الغاز إلى أوروبا وغيرها من العوامل السلبية كانت وراء تراجع العملة الأوروبية الموحدة إلى درجة فقدها التعادل في القيمة مع الدولار الأمريكي بحيث هبط اليورو إلى مستويات جعلت قيمة اليورو الواحد أقل من دولار.