لم تتوقف رسائل البنوك المركزية عن دعم الأسهم الأمريكية والعقود الآجلة للذهب في الفترة الأخيرة إلى حدٍ ساعد على ظهور علاقة جديدة بين الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية في الفترة الأخيرة، وهي علاقة طردية بين الذهب والأسهم في وول ستريت.
وبدأت تلك الرسائل الأربعاء الماضي ببيان الفائدة الذي أصدره الفيدرالي عقب إعلان رفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس، والتي جاءت فيه عبارات داعمة لأن البنك المركزي قد يبدأ دورة جديدة من التيسير بعد الارتياح للمسار الحالي للتضخم في الولايات المتحدة.
وقال بيان الفائدة الصادر الأربعاء الماضي: “سوف تستمر اللجنة في التقليل من حجم ممتلكات البنك المركزي من سندات الخزانة الأمريكية والسندات المدعومة عقاريا، وفقا لما هو موضح في الخطط المعلنة في وقت سابق”.
وأضاف البيان: “أثناء تقييم الموقف المناسب للسياسة النقدية، سوف تستمر اللجنة في مراقبة ما تتضمنه البيانات التي تظهر حتى الاجتماع المقبل من أجل تحديد النظرة المستقبلية للاقتصاد”.
وقال جيروم باول، رئيس الفيدرالي، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرار الفائدة: “قطعنا مسافة كبيرة منذ العام الماضي وحتى الآن، لكن لا زلنا لا نشعر بعد بالآثار التي نستهدف أن نراها لرفع الفائدة”.
وأضاف: “تراجع نمو الوظائف مع تراجع في قيمة الأجور أيضا، لكن لا يزال سوق العمل يتمتع بقدر كبير من التوازن”.
وتابع: “التضخم أظهر تراجعا مشجعا في سرعة زيادات الأسعار على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، لكن لا زلنا في حاجة إلى المزيد من الأدلة المستدامة حتى نثق في أن التضخم يتخذ المسار الهابط”.
وقال: “البنك المركزي لا يتخذ موقفا تشديديا بما فيه الكفاية فيما يتعلق بمعدلات الفائدة”، مؤكدا أن “التركيز في الوقت الراهن ليس على التحركات قصيرة الأجل للأوضاع المالية، لكن على التغيرات المستدامة في الأوضاع المالية الأوسع نطاقا”.
وأضاف: “ذا جاءت البيانات قوية، فسوف نستمر في رفع الفائدة. لكن إذا جاءت ضعيفة فسوف نعمل على الإبقاء على معدل الفائدة كما هو، فالأمر برمته يعتمد على ما يظهر من بيانات”، مؤكدا أن الوقت لا يزال مبكرا على إعلان “الانتصار على التضخم”.
بنك كندا
وانضم بنك كندا إلى مشجعي التوقف عن رفع الفائدة بعد تصريحات أدلى بها تيف ماكيم، محافظ بنك كندا، بعد أن رجح إمكانية التوقف عن رفع الفائدة.
وقال ماكليم إن البنك المركزي لن يكون بحاجة إلى المزيد من رفع الفائدة إذا هبط التضخم أو سارت التطورات الاقتصادية وفقا للتوقعات.
وأضاف ماكليم: “إذا جاءت سار الاقتصاد في المسار المتوقع له وهبط التضخم وفقا لما تشير إليه التوقعات في الوقت الراهن، لن تكون هناك حاجة إلى المزيد من رفع الفائدة”.
وتوقع أن “النمو الاقتصادي قد يصل إلى الصفر في أول ثلاثة فصول من عام 2023”.
وأشار إلى أنه هناك حاجة “للتوقف بمعدلات الفائدة عند المستويات الحالية قبل أن نبطئ من أداء الاقتصاد والتضخم إلى حدٍ كبيرٍ، وهذا هو ما نريده الآن”.
وأكد أن “التضخم يغير اتجاهه، والسياسة النقدية بدأت تحدث الأثر المأمول منها، لكن معدل التضخم لا يزال مرتفعا للغاية”.
ورجح أنه حال عدم “تراجع نمو الأجور وتقديرات التضخم وعدم عودة سلوك التسعير إلى الأوضاع الطبيعية قد ينعكس ذلك سلبا على تقديرات التضخم والتوازن في الأسعار، لكن لا يزال لدينا مخاوف حيال المزيد من صعود التضخم”.
وإذا ما تحققت مخاطر الصعود، “فلدينا الاستعداد لرفع الفائدة”، وفقا لماكليم.
وأشار إلى أن البيانات التي ظهرت حتى الآن ترجح أن حسابات التضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة سوف تبدأ في إظهار تراجع في الأشهر القليلة المقبلة وسط وصول معدلات الطلب المفرط إلى الذروة.
تأكيد رسائل باول
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، الثلاثاء: “لم نكن نتوقع أن تأتي بيانات التوظيف بهذا الشكل هذه المرة”.
وأضاف: “سوق العمل قوي بشكل غير عادي. وأحيانا ما تصلني البيانات قبل نشرها بليلة واحدة، لكني لا أطلع عليها أحدا”.
وتابع: “الرسالة التي بعثت بها لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى الأسواق الأسبوع الماضي أشارت إلى أن عملية تراجع التضخم بدأت، لكن لا يزال أمامها طريق طويل عليها أن تقطعه”.
وشدد على أن “الاستمرار في رفع الفائدة سوف يكون مناسبا في الفترة المقبلة لأننا لم نصل بعد إلى مستوى التشديد الكافي”.
وأشار إلى أن تصويت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على قرارات السياسة النقدية يكون في الظهيرة من اليوم الثاني لاجتماع الفيدرالي.
وتوقع أن الأمر قد يستغرق هذا العام والعام المقبل حتى يتمكن الفيدرالي من خفض التضخم إلى 2.00%، مؤكدا أن سوق العمل الأمريكي وصل إلى الحد الأقصى من التوظيف على الأقل.
ورجح أن الولايات المتحدة لا تعاني من عجز في العمالة، وأن أي مشكلة على هذا الصعيد قد تكون نتيجة “لأسباب هيكلية”.
وأكد أن “التحدي الأكبر الذي يواجهه الفيدرالي في الوقت الراهن هو استكمال المسيرة في الطريق إلى إعادة التضخم إلى مستوى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
وقال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي: “لا نرى تراجعا في أسعار الخدمات الأساسية، وهوما يحتاج إلى الإبقاء على معدلات فائدة مرتفعة”، مؤكدا أنه لا يزال يتوقع تراجعا في أوضاع سوق العمل.
وأكد رئيس الفيدرالي على الحقيقة التي ذكرها بيان الفائدة الصادر من الفيدرالي الأسبوع الماضي التي تتضمن أن البنك المركزي سوف يتصرف وفقا لما تمليه عليه البيانات الاقتصادية.
وكرر ما صرح به في المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعد إعلان رفع الفائدة الفيدرالية الأربعاء الماضي من أن “إذا جاءت البيانات أقوى من توقعات الأسواق، فسوف نرفع الفائدة إلى مستويات أعلى مما تشير إليه التوقعات”، وذلك في الكلمة التي أدلى بها أمام نادي واشنطن الاقتصادي.
وبوضع هذه الرسائل من الفيدرالي وبنك كندا إلى جانب التقديرات السلبية للنمو والتضخم التي أشارت إليها كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الخميس الماضي، مما أثار تكهنات بإمكانية أن يتوقف البنك المركزي عن التشديد الكمي في الفترة المقبلة.
كانت تلك الرسائل، التي تراكمت في الفترة الأخيرة، وراء قناعة لدى المستثمرين بأن البنوك المركزية في طريقها إلى دورة من التيسير بعد أكثر من عام من التشديد الكمي.
وكانت تلك القناعة وراء التحسن الحالي والمتوقع أن يستمر في تعاملات الأسهم الأمريكية وغيرها من أصول المخاطرة جنبا إلى جنب مع العقود الآجلة للذهب.