زادت مراهنات المستثمرين على تخفيف كبير للسياسة النقدية في الصين هذا العام، حيث يضغط التعافي الاقتصادي الضعيف على السلطات لخفض أسعار الفائدة وتوفير سيولة وفيرة. فقد انخفضت عوائد السندات الحكومية الصينية الآن إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من أربع سنوات، بينما تمكن البنوك من جمع الديون قصيرة الأجل في أسواق المال بسعر أرخص منه من البنك المركزي.
وثمة بوادر توضح أن بنك الشعب الصيني يخفف قبضته على اليوان وخفض جديد لأسعار الودائع من قبل كبار المقرضين التجاريين إلى احتمالية تخفيف أكبر للسياسة. وإليكم نظرة على الإشارات من الأسواق الصينية وبنك الشعب الصيني نفسه حول إجراءات التخفيف المحتملة:
أولاً، ارتفاع عوائد السندات، فقد شهد سوق السندات الصيني انتعاشا منذ ديسمبر، مما أرسل إشارة قوية بأن التوقعات تتكثف لتحفيز نقدي جديد. فيما انخفض العائد على سندات حكومية مدتها 10 سنوات إلى 2.54% يوم الخميس، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2020.
ثانياً، دعوات لتخفيض أسعار الفائدة، هناك تزايد في الأصوات بين الاقتصاديين يدعو بنك الشعب الصيني إلى استئناف خفض أسعار الفائدة بعد خفضه الأخير في أغسطس، حيث يبدو الآن أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي مستعدًا لعكس حملته التاريخية للتشديد على السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا العام. كما يضيف الركود العقاري المطول وضعف نشاط التصنيع إلى الشعور بالإلحاح لصانعي السياسة.
ثالثاً، ارتفاع حجم التداول، صاحب صعود سوق السندات مع زيادة هائلة في حجم التداول، وهو مقياس لمشاعر المستثمرين، إلى مستوى قياسي بلغ 11 تريليون يوان (1.5 تريليون دولار) في ديسمبر، وفقًا لبيانات من نظام تداول العملات الأجنبية الصيني.
توقعات خبراء الاقتصاد
يتوقع اقتصاديون في سيتي جروب إمكانية حدوث تخفيض في سعر الفائدة في وقت مبكر من هذا الشهر، مع إضافة أنهم يتوقعون أن يصل إجمالي تخفيض سعر الفائدة من بنك الشعب الصيني إلى 20 نقطة أساس ونسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك إلى 50 نقطة أساس في عام 2024 على التوالي.
كما يتوقع البنك الاستثماري جولدمان ساكس أيضًا توقعات متطابقة، مع تخفيض سعر الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس في الربع الحالي كأول خطوة محتملة. كتب مينغ مينغ، كبير الاقتصاديين في شركة سيتيك للأوراق المالية، في مذكرة “تعد الفترة المحيطة بعيد رأس السنة القمرية عادةً نافذة مهمة لإمكانية خفض أسعار الفائدة أو تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك.”
كما أضاف أن “الأجواء في سوق السندات إيجابية إلى حدٍ كبير ومن الممكن أن يستمر الارتفاع مدعومًا بتوقعات التيسير النقدي.”
وفي مثال آخر على تجارة الدخل الثابت الصاعدة بشكل عام، كان الطلب على أداة شائعة للديون قصيرة الأجل تصدرها البنوك الصينية قويًا جدًا لدرجة أن المقرضين يجدون أنه من الأرخص الاقتراض من المستثمرين من بنك الشعب الصيني.
في السياق ذاته، انخفض الآن معدل شهادات الإيداع القابلة للتداول لمدة عام الصادرة عن بنوك AAA إلى حوالي 2.47٪، وهو أقل من 2.5٪ على قروض سياسة بنك الشعب الصيني لمدة عام، وهي أول عملية انقلاب من هذا القبيل منذ أكتوبر.
تراجع الضغط على اليوان يمنح بنك الشعب الصيني مساحة للتخفيف النقدي
مع تراجع الدولار عالميًا في ظل ترقب تحول مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى سياسة نقدية أقل تشددًا، يقل الضغط على اليوان، مما يوفر لبنك الشعب الصيني مساحة لتكثيف جهوده التخفيفية أيضًا.
فقد أظهر استطلاع لآراء المتداولين والمحللين أجرته بلومبرج أن اليوان سيشهد أول تعزيز له في ثلاث سنوات ويصل إلى 7 يوان للدولار بحلول نهاية عام 2024، مع تراجع تدفقات رأس المال بسبب تضييق فروق أسعار الفائدة.
كما أشار قرار بنك الشعب الصيني يوم الأربعاء بإضعاف سعر صرف اليوان المرجعي بأكبر قدر في أكثر من ستة أشهر إلى تحول نحو دعم النمو من خلال دعم العملة.
وفي مذكرة، ذكر جينجيانغ تشين، استراتيجي العملات الآسيوية لدى مجموعة HSBC القابضة: “قد يبدأ صانعو السياسة في تحويل تركيزهم من استقرار سعر الصرف نحو المزيد من التسهيل النقدي” عندما تصبح الحاجة إلى دعم كبير لليوان من خلال تثبيتات أقوى أو ضغط على السيولة في الخارج “أقل ضرورة”.