نور تريندز / التقارير الاقتصادية / تعرف على البنك المركزي الذي قد يسبق الجميع إلى خفض الفائدة

تعرف على البنك المركزي الذي قد يسبق الجميع إلى خفض الفائدة

ظهرت في الفترة الأخيرة توقعات بأن يتجه عدد من البنوك المركزية الرئيسية قد يبدأ في أوائل العام المقبل في إنهاء دورة التشديد الكمي الحالية وخفض الفائدة بعد أن صدرت بعض المؤشرات التي من شأنها أن تلقي الضوء على إمكانية أن تكون الجهود التي بذلتها البنوك المركزية الرئيسية في مكافحة التضخم الحاد في الأسعار منذ مارس 2022.

وظهرت تلك التوقعات في الأسواق لتؤدي في كثير من الأحيان إلى تراجع العملات التي يُشاع أن البنوك المركزية المصدرة لها قد تبدأ في خفض الفائدة خلال أشهر. فتارة يرجح المستثمرون في الأسواق كفة التكهنات بأن الفيدرالي قد انتهى من دورة التشديد الكمي الحالية، ويتجهون بقوة إلى دعم توقعات بأن هناك المزيد من رفع الفائدة في الاجتماعات المقبلة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تارة أخرى.

وإلى جانب بيانات التضخم الأمريكية والأوروبية والبريطانية التي ظهرت في الفترة الأخيرة، هناك القرارات التي اتخذها عدد من البنوك المركزية الرئيسية في الفترة الأخيرة، من بينها الفيدرالي، بالإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير في الاجتماعات الأخيرة، مما دفع المستثمرين إلى ترجيح كفة النظرية السائدة في الأسواق التي تتضمن أن قرارات رفع الفائدة الصادرة التي صدرت عن الفيدرالي في 11 اجتماعا قد بدأت تؤتي ثمارها وأن التضخم بدأ بالفعل في التراجع بشكل ملحوظ من شأنه أن يشجع البنك المركزي على البدء في خفض الفائدة خلال الأشهر الأولى من العام المقبل.

المركزي الأوروبي قد يتقدم الصفوف

المركزي الأوروبي يتوقع أن يكون للوباء آثار طويلة الأمد على العرض والطلب
البنك المركزي الأوروبي

في أول تقديرات تصدر عن مؤسسة مالية مرموقة، توقع دويتش بانك الألماني أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي خفض الفائدة في إبريل المقبل، وهو ما اتفق إلى حدٍ كبيرٍ ما ظهر من تكهنات في الأسواق بخفض الفائدة أوائل العام المقبل، والتي تعززت بالدفعات الأخيرة من بيانات التضخم في منطقة اليورو.

وتوقع البنك أن يخفض المركزي الأوروبي الفائدة بـ150 نقطة أساس في 2024 مقابل التوقعات التي سبق للبنك الألماني إصدارها في وقت سابق التي أشارت إلى إمكانية رفع الفائدة الأوروبي بـ100 نقطة بنهاية العام المقبل.

ورجح دويتش بانك أن يكون الرفع الأول للفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي في إبريل المقبل، وأن يكون بحوالي 50 نقطة أساس مع رفعها بنفس النسبة في يونيو المقبل.

وكانت التقديرات السابقة للمجموعة المالية الألمانية تشير إلى إمكانية رفع الفائدة بـ25 نقطة أساس فقط في يونيو المقبل، لكنها حذرت من مخاطر البدء في رفع الفائدة قبل الموعد الذي حددته كأن يرفعها المركزي الأوروبي في مارس المقبل.

لكن بيتر كازيمير، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، وصف توقعات خفض الفائدة الأوروبية في أوائل العام المقبل بأنه “خيال علمي”.

الفيدرالي متردد

في المقابل، لم يصدر عن أي جهة رسمية أو مجموعة مالية كبرى أي تقرير يشير إلى اقتراب الفيدرالي من خفض الفائدة. ورغم خروج الكثير من التصريحات التي تدعم نظرية اقتراب البنك المركزي من خفض الفائدة من أروقة الفيدرالي في الفترة الأخيرة، سكب رئيس مجلس محافظي الفيدرالي جيروم باول الماء البارد على تكهنات خفض الفائدة في وقت قريب في تصريحات أدلى بها الجمعة الماضية، لكنها لا تزال تؤثر في حركة سعر الدولار والأسهم الأمريكية حتى الآن.

وقال رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي جيروم باول الجمعة الماضية إنه “من المبكر للغاية إعلان الانتصار على التضخم” في المعركة الحالية، وهو ما يُعد سكبا للماء البارد على توقعات اقتراب البنك المركزي من التحول بالسياسة النقدية إلى خفض الفائدة وإنهاء الدولار الحالية من التشديد الكمي.

وأضاف: “من السابق لأوانه أن نقول بثقة أننا حققنا القدر الكافي من التشديد الكمي، أو أن نتكهن بالتوقيت الذي يبدأ فيه تغيير الاتجاه الحالي للسياسة النقدية. وأؤكد أننا مستعدون للمزيد من التشديد إذا تطلب الأمر ذلك”.

يأتي ذلك وسط تكهنات في أسواق المال ترجح أن الفيدرالي قد يرفع الفائدة بـ125 نقطة العام المقبل، وهي التكهنات التي لم يعلق عليها أي من مسؤولي البنك المركزي الذي يتبنون قدرا كبيرا من الحذر أثناء الحديث عن تغيير المسار الحالي للفائدة.

بيانات التضخم

سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي 0.0% في أكتوبر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.4%، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أِشارت إلى ارتفاع بـ0.1%، وذلك على أساس شهري.

وارتفعت القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي بـ 3.2% في أكتوبر الماضي مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي عند 3.7%، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أِشارت إلى ارتفاع بـ3.3%.

وأشارت قراءات مؤشر أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في منطقة اليورو إلى مستويات دون توقعات الأسواق، إذ تراجع مؤشر أسعار المستهلكين المتجانس باستثناء أسعار الغذاء والطاقة إلى 0.6-% في نوفمبر الماضي مقابل القراءة السابقة الذي سجل 0.2%.

كما تراجع إنفاق المستهلك في فرنسا بـ0.9-% في أكتوبر الماضي، مما أثار تكهنات بأداء ضعيف للإنفاق في الربع الأخير من العام الجاري

وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك البريطاني 0.0% في أكتوبر الماضي مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 0.5%، وهو ما جاء أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى إمكانية الارتفاع بـ0.1%.

كما ارتفعت القراءة السنوية لتضخم أسعار المستهلك البريطاني بـ4.6% في الشهر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 6.7%، مما يشير إلى تباطؤ ملحوظ في نمو الأسعار في المملكة المتحدة.

وعلى صعيد حسابات التضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة، سجلت القراءة السنوية للمؤشر في المملكة المتحدة ارتفاعا بـ5.7% في أكتوبر الماضي مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 6.1%.

وأثار التراجع في سرعة نمو الأسعار في بريطانية تكهنات بأن يستمر بنك إنجلترا في سياسته النقدية الحالية، متفاديا المزيد من رفع الفائدة في المرحلة المقبلة.

معدل التضخم ، أسعار المستهلكين ، أسعار الفائدة
معدل التضخم ، أسعار المستهلكين ، أسعار الفائدة

ورغم تراجع التضخم في عدد من أكبر اقتصادات العالم، لا يزال هناك تردد ملحوظ في إعلان انتصار البنوك المركزي الرئيسية في حربها على التضخم. كما يؤكد صناع السياسة النقدية في تلك الدول على ضرورة تفادي خطر الإعلان المبكر للانتصار في هذه الحرب.

وركزت نتائج الاجتماع الماضي للفيدرالي على أن التحركات المستقبلية للفيدرالي سوف تكون “بحذر”، مما يشير إلى أن الموقف الحالي للسياسة النقدية ينطوي على قدر كبير من الصعوبة في الوقت الذي تتبنى فيه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أعلى معدل للفائدة في حوالي 22 سنة.

ورغم ما ذكره أعضاء اللجنة من أن التضخم لا يزال بعيدا عن الهدف الرسمي للتضخم المحدد من قبل الفيدرالي بـ2.00%، إلا أن النتائج ذكرت أنهم اعترفوا بأن هناك تباطؤ ملحوظ في نمو الأسعار.

واعترف الأعضاء أيضا بأن “المستويات المرتفعة من الفائدة أضرت كثيرا بقطاعي الأسر والشركات” في الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى إنهاء العمل بتلك المستويات القياسية في أقرب وقت ممكن.

وأشارت نتائج الاجتماع الماضي للفيدرالي إلى أن الأعضاء ركزوا على ضرورة الاستمرار في ضبط كشوف الموازنة من خلال إعادة بيع ما تم شراؤه من سندات الخزانة الأمريكية وسندات الشركات، وهو ما يُعد من أهم إجراءات التيسير الكمي الذي يسير عكس الاتجاه الحالي للسياسة النقدية.

وعلق الأعضاء أي تحرك جديد على صعيد السياسة النقدية وأي قرار يتخذه الفيدرالي سوف يعتمد على ما يستجد من بيانات اقتصادية تظهر في المرحلة المقبلة.    

في وقت سابق، اعترفت رئيسة البنك المركزي الأوروبي لاجارد بأنه بينما ضغوط التضخم في منطقة اليورو تتراجع، فإن تحدي النمو القوي للأجور يعقد جهود صانعي السياسة لإدارة ارتفاع الأسعار.

تحقق أيضا

النفط

عوامل قد تؤدي إلى المزيد من هبوط أسعار النفط

ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة …