أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء فرض تعريفة جمركية إضافية على السلع والخدمات القادمة إلى الولايات المتحدة من الصين والمكسيك، مما أثار مخاوف في أسواق المال من إمكانية عودة التضخم الأمريكي إلى الصعود مرة ثانية بعد الجهود الكبيرة التي بذلها الفيدرالي في سبيل خفض معدلات نمو الأسعار، كما أثار هذا الإعلان مخاوف أخرى حيال تقويض مبادئ التجارة العالمية، ومخاوف حيال إمكانية تجدد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأعلن الرئيس المنتخب أنه يعتزم فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الأمريكية من المكسيك بواقع 10% وتعريفة إضافية بنسبة 25% على الواردات الأمريكية من الصين، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ترامب يعتزم فرض رسوم جمركية هائلة على الواردات الأمريكية، وهو سؤال يتردد صداه ليس فقط في الأسواق العالمية بل بين جميع المهتمين بشؤون الاقتصاد العالمي بأكمله.
ورأى البعض أن الرئيس دونالد ترامب قد لا يكون جادًا في اتباع هذه السياسة التجارية المتشددة، مستندين في ذلك إلى ترشيحه للمدير السابق لأحد أكبر صناديق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، وهو المعروف بالاعتدال على صعيد السياسات التجارية والتعريفات الجمركية مقارنة بغيره من الأسماء التي ظهرت أثناء مناقشات ترشيح وزير للخزانة في البلاد.
رغم ذلك، قد لا تكون الإجابة بهذه البساطة وقد يكون هناك الكثير من العوامل التي من شأنها أن تضمن تنفيذ سياسات ترامب التجارية بحذافيرها دون تخفيف للقيود التجارية المحتملة. وتستند وجهة النظر هذه إلى أن استهداف الرئيس الأمريكي استهداف المكسيك وكندا والصين بهذه القيود من شأنه أن يرجح أن التهديدات التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية والتي بدت الأكثر غرابة بين تصريحاته قد تتحقق على أرض الواقع.
ويُضاف إلى الآثار السلبية التي يتوقع أن يخلفها المزيد من التعريفات الجمركية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي بصفة عامة آثار مشكلات تتعلق بالشؤون السياسية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة في ضوء الاتفاقيات الموقعة بين الولايات المتحدة وبعض هذه الدول.
ويُرجح أن الأساس المنطقي الذي ينطلق منه ترامب نحو فرض القيود التي يستهدف ترامب فرضها على الواردات الأمريكية لا يتعلق بالسياسات التجارية والاقتصادية، لكنه يتعلق بالضغط على المكسيك وكندا والصين في اتجاه تغيير سياساتها في التعامل مع الهجرة وأنشطة المخدرات غير الشرعية وغير ذلك من حماية حقوق الملكية الفكرية.
أسلحة دبلوماسية
يستخدم الرئيس الأمريكي المنتخب التعريفة الجمركية وغيرها من القيود التجارية كسلاح دبلوماسي للضغط على الدول، بل وإجبارها على تبني سياسات تحقق مصالح الولايات المتحدة في الداخل والخارج. كما يستخدم هذه السياسات كإجراءات وقيود من شأنها أن تحمي الاقتصاد الأمريكي وتزيد من الوظائف في الولايات المتحدة وتؤدي إلى نمو القطاع التصنيعي في البلاد.
وهناك تساؤلات طفت على السطح في الفترة الأخيرة حول موقف دول الاقتصادات الرئيسية من سياسات ترامب الحمائية، والتي تدور حول ما إذا كان زعماء هذه الدول قد يتخذون إجراءات مضادة أم أنهم سوف يتمهلون لرؤية ما تحدثه هذه السياسات من آثار.
وقد تكون الإجابة أن هناك احتمالات لاتخاذ القوى الاقتصادية الكبرى إجراءات تجارية مضادة تتضمن فرض تعريفة جمركية على الصادرات الأمريكية، وفي مقدمة هذه الدول الصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم، مما من شأنه أن يجدد الحرب التجارية بين أكبر وثاني أكبر اقتصادين على مستوى العالم.
لكن هناك وجهة نزر أخرى تتضمن إمكانية أن يفضل زعماء هذه الدول الانتظار حتى يظهر التأثير الحتمي الذي قد يترتب على فرض ترامب زيادة في التعريفة الجمركية بحوالي 25 في المئة على ما يقدر بحوالي 40 في المئة من الواردات الأمريكية، وينعكس سلباً على المستهلك الأمريكي ومعدلات التضخم.
ومن الواضح أيضًا أن اختيار بيسنت وزيرًا للخزانة لن يخفف من الضغوط التي تستهدف فرض التعريفات الجمركية الإضافية. وفي خضم المعركة على ترشيحه، بذل أوباما قصارى جهده للاعتراف بقوة التعريفة الجمركية كأداة كان ألكسندر هاملتون نفسه، أول وزير خزانة أمريكي على الإطلاق، رائداً فيها.
وفي وقت سابق من هذا العام، اقترح أوباما أيضا أنه في حين يمكن استخدام الرسوم الجمركية تكتيكيا، فإن الأداة الرئيسية لتجديد التصنيع في الولايات المتحدة ستكون الدولار الأضعف.
ورغم أن هذه التعريفة الجمركية لم تطل أوروبا والمملكة المتحدة حتى الآن. من المهم أن نؤكد أن هذه التحركات لا تمثل حتى الجزء الأكبر الحقيقي من سياسة التعريفات الجمركية التي يتحدث عنها ترامب.