أنهت أسواق المال العالمية تعاملاتها في منطقة سلبية عقب ظهور دفعات من البيانات الأمريكية التي عكست تدهورا في أداء النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وكانت الدفعة الأهم من البيانات ذات صلة بأوضاع سوق العمل الأمريكي، والتي ألقت الضوء على ارتفاع دون التوقعات في نمو الوظائف الأمريكية.
وهبطت قراءة مؤشر نمو الوظائف الصادر عن إدارة المعالجة الإلكترونية للبيانات ADP إلى 145 ألف وظيفة في مارس الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 261 ألف وظيفة، وهو ما جاء دون مستوى التوقعات التي أشارت إلى إمكانية نمو الوظائف في الولايات المتحدة بـ 200 ألف وظيفة الشهر الماضي.
وأثار هبوط نمو الوظائف في الولايات المتحدة وتراجع مؤشرات اقتصادية هامة أخرى، أهمها مؤشر مديري المشتريات الخدمي الأمريكي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات، إلى تصاعد مخاوف حيال النمو الاقتصادي واقتراب اقتصاد البلاد أكثر من الركود.
وكان من شأن تلك البيانات أن تؤدي إلى تحسن في شهية المخاطرة في أسواق المال نظرا لأنها تصب في صالح التوقعات بتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة في الفترة المقبلة، مما يؤيد التوقعات التي تشير إلى ذلك، والتي ظهرت منذ اجتماع الفيدرالي في مارس الماضي.
لكن العكس هو ما حدث بالفعل في الأسواق، إذ ظهرت مخاوف حيال إمكانية اقتراب الاقتصاد العالمي من الركود بسبب التباطؤ المحتمل الذي قد تؤدي إليه الارتفاعات الحادة في أسعار النفط العالمية التي بدأت مع انطلاق تعاملات الأسبوع الجاري.
وشهدت الأسعار العالمية للنفط ارتفاعا حادا في مستهل تعاملات الأسبوع الجديد بعد إعلان أعضاء في منظمة أوبك خفض مستويات الإنتاج في الفترة المقبلة، وهو ما جاء على خلاف توقعات الأسواق.
وكان تناول العناوين الرئيسية لأنباء ارتفاع النفط علاوة على رد فعل الولايات المتحدة للقرار من العوامل التي أثارت مخاوف كبيرة حيال إمكانية أن يؤدي استمرار صعود العقود الآجلة لنفط إلى ارتفاع معدلات التضخم التي بدأت تستقر في الفترة الأخيرة، وهو ما من شأنه أن يتحكم في اتجاهات المخاطرة في الأسواق ويمسك بزمامها إلى المنطقة السلبية.
وربما تتواصل الضغوط التي تعانيها أصول المخاطرة، أبرزها الأسهم الأمريكية، إذا استمر ارتفاع النفط واستمرت أوبك+ على موقفها المؤيد للمزيد من خفض مستويات الإنتاج، وذلك نظرا لمخاوف قد تتصاعد من الارتفاعات الحادة للنفط التي، دون شك، من أهم العوامل التي تضيف إلى الضغوط التضخمية في الأسواق.
وتستمر تلك القرارات في التأثير سلبا على الأسواق، مما أدى إلى تدهور شهية المخاطرة الذي تسبب في تراجع الأسهم الأمريكية وغيرها من أصول المخاطرة في نهاية تعاملات الأربعاء.
وبلغ هذا الأثر من القوة ما جعله يؤدي إلى تلاشي الأثر الإيجابي الذي كان متوقعا لبيانات التوظيف الأولية التي ظهرت في أوائل تعاملات وول ستريت. ويُعد تسجيل مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية ADP في الولايات المتحدة من العوامل التي من شأنها أن تؤدي إلى تصاعد توقعات بتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة في مايو المقبل.
وينظر إلى قراءات التوظيف السلبية على أنها من أهم الأحداث التي تجعل الفيدرالي في حالة من الارتياح بحيث لا يندفع نحو المزيد من رفع الفائدة.
وهبط مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 4083 نقطة بخسائر بلغت 18 نقطة أو 0.5% مع خسائر لناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة بحوالي 160 نقطة أو 1.4%.
لكن داو جونز الصناعي يحاول التماسك في الاتجاه الصاعد عند 33458 نقطة بمكاسب بلغت 53 نقطة أو 0.2%.
وختم مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، تعاملات وول ستريت في الاتجاه الهابط متأثرة بتدهور بيانات التوظيف الأمريكية على صعيد نمو الوظائف في الولايات المتحدة.
وارتفع مؤشر الدولار إلى 101.91 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 101.59 نقطة. وهبط المؤشر إلى أدنى مستوى له في يوم التداول الجاري عند 101.24 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 101.92 نقطة.
وختمت عائدات سندات الخزانة الأمريكية المعيارية تعاملات جلسة الأربعاء بهبوط بعد ظهور دفعة من البيانات السلبية، أبرزها بيانات التوظيف الأمريكية.
وهبطت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 3.290% مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 3.342%.
وهبطت العقود الآجلة للمعدن النفيس إلى 2036 دولار للأونصة مقابل الإغلاق المسجل في ختام تعاملات الجلسة الماضية عند 2038 دولار للأونصة.
وارتفعت عقود الذهب إلى أعلى مستوى لها في جلسة الأربعاء عند 2026 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 2049 دولار.
رغم التراجع الكبير في مخزونات النفط الأمريكية، هبطت العقود الآجلة للنفط بنوعيها في ختام تعاملات الأربعاء متأثرة بتصاعد توقعات سلبية لأداء الاقتصاد الأمريكي عقب ظهور بيانات عكست تراجعا في أداء النشاط الاقتصادي.
وكان من المفترض أن تكون أرقام المخزونات إلى ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، لكن الارتفاعات الحادة في الأسعار – منذ انطلاق تعاملات أسبوع التداول الجاري بعد إعلان قرارات مفاجئة من عدد من دول منظمة أوبك خفضا طوعيا للإنتاج بدء من مايو المقبل – كانت وراء ظهور مخاوف ارتفاعات جديدة في التضخم وتباطؤ في الاقتصاد العالمي يقرب العالم من الركود.