يتوقع أن تسجل مؤشرات التوظيف الأمريكية الرئيسية تراجعًا إلى مستويات قياسية في أغسطس، نتيجة لعوامل عدة تتوافر في الأسواق في مقدمتها السياسات التجارية التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويزداد انعدام اليقين التجاري، خاصةً بعد أن وصل نزاع داخلي في الولايات المتحدة إلى ساحات القضاء لتصدر محكمة أمريكية قرارًا يبطل أغلب التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب منذ إبريل الماضي.
ويتوقع أن تُظهر بيانات التوظيف، التي تصدر الجمعة عن مكتب إحصاء العمالة الأمريكية، أن أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة أضافوا إلى الاقتصاد الأمريكي 75000 وظيفة فقط، وهو ما يشير إلى نمو وظائف أعلى بقليل مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت 72000 وظيفة.
كما يُتوقع أن يرتفع معدل البطالة قليلًا إلى 4.3% بعد أن هبط الشهر السابق إلى 4.2%.
كما يتوقع أن تعكس بيانات التوظيف مدى التأثر بقرارات التعريفة الجمركية والسياسات التجارية التي بدأ الرئيس دونالد ترامب انتهاجها منذ توليه الحكم لفترة ولاية ثانية.
فهناك حالة من انعدام اليقين بشأن السياسات التجارية وارتفاع أسعار الواردات نتيجة الرسوم الجمركية التي يتوقع أن تثقل كاهل النشاط الاقتصادي وثقة المستهلكين في الولايات المتحدة.
ويبدو أن سوق العمل الأمريكي قد بدأ يفقد زخمه. وسوف تكون الأشهر القليلة المقبلة شاهدًا على ما إذا كان هذا التراجع البطيء سيتحول إلى اتجاه أم أنه تراجع مؤقت، وهو ما يتوقف على إمكانية انتعاش الطلب.
وقد يؤثر تباطؤ سوق العمل على التوقعات بشأن قرارات الفائدة المستقبلية. فبنك الاحتياطي الفيدرالي على الفائدة دون تغيير عند مستويات مرتفعة منذ بداية هذا العام في محاولة لخفض التضخم إلى هدفه الرسمي المحدد بـ2.00% على أساس سنوي.
لكن ضعف وتيرة نمو الوظائف قد يدفع صناع السياسات إلى التفكير في خفض الفائدة لدعم سوق العمل وتجنب ارتفاع حاد في معدلات البطالة.
مؤشرات أولية
وسجل مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادرة عن هيئة المعالجة الإلكترونية للبيانات ( ADP) قراءة أقل من التوقعات عند 54000 وظيفة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 106000 وظيفة والتوقعات التي أشارت إلى 65000 وظيفة.
وجاءت الدفعة الأحدث من بيانات التوظيف الأمريكية سلبية، إذ ألقت الضوء على ارتفاع معدل إلغاء الوظائف في الولايات المتحدة، ألقى مؤشر تشالنجر لإلغاء الوظائف الضوء على ارتفاع في عدد الوظائف الملغاة في البلاد في شهر يوليو الجاري.
وارتفع المؤشر إلى 85979 وظيفة أُلغيت في يوليو الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 62975 وظيفة أُلغيت في الولايات المتحدة.
وارتفع مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي في يوليو الماضي إلى 58.2 نقطة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 58.6 نقطة، وهو ما جاء أدنى من توقعات الأسواق التي سجلت 58.6 نقطة.
وسجل مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات الخدمي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات ارتفاعًا محدودًا إلى 46.5 نقطة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 46.4 نقطة.
سجل مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات ( ISM) ارتفاعًا إلى 43.8 نقطة في أغسطس الماضي مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 43.4 نقطة.
ويتضح من خلال نظرة إلى هذه البيانات الأولية أن أغلبها يلقي الضوء على تدهور في سوق العمل في الولايات المتحدة، وهو ما يرجح كفة السيناريو السلبي الذي يلقي الضوء على إمكانية تراجع نمو الوظائف وارتفاع معدل البطالة الأمريكية.
حركة السعر
وقد يمتد تأثير تقرير الوظائف غير الزراعية إلى ما هو أبعد من حدود الولايات المتحدة، إذ تُحدث نتائجه تحركات واسعة النطاق في حركة السعر في أسواق المال العالمية، بدءًا من أسعار صرف العملات وصولًا إلى أسعار السلع الأساسية.
وإذا جاءت بيانات التوظيف مخيبة للآمال، فقد تتصاعد توقعات بأن يسلك الفيدرالي اتجاهًا أكثر تيسيرًا، مما قد يفتح الباب أمام سياسات نقدية أكثر مرونة تُضعف الدولار الأمريكي وتعزز أداء عملات الأسواق الناشئة.
في المقابل، قد يُعزّز نمو الوظائف القوي التوقعات باتجاه سياسات نقدية أكثر تشديدًا، مما يدعم قوة الدولار ويُشكّل ضغطًا على الأسهم والسلع، لا سيما الذهب الذي غالبًا ما يتحرك عكسيًا مع قيمة العملة الأمريكية.
وتحظى تفاصيل تقارير التوظيف باهتمام بالغ، مثل متوسط الأجور في الساعة — المتوقع أن يرتفع بحوالي 0.3% فقط — إلى جانب الاتجاهات القطاعية، خصوصًا في مجالات الترفيه والضيافة والصناعة، بحثًا عن مؤشرات على متانة السوق أو هشاشته.