تصدر في وقت لاحق اليوم الجمعة بيانات التوظيف الأمريكية الأهم على مدار الشهر وسط توقعات بتراجع كبير في نمو الوظائف في الولايات المتحدة مع ثبات في معدل البطالة إضافة إلى تراجع محدود في نمو الأجور،
وفي الجمعة الأولى من كل شهر تصدر بيانات التوظيف، في مقدمتها مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية الأمريكية، والذي يضبط إيقاع الأسواق على مدار الشهر بعد أن يلقي الضوء على أوضاع سوق العمل الأمريكي الذي يرسم صورة واضحة لأداء أكبر اقتصادات العالم.
وتكمن أهمية بيانات التوظيف الأمريكية أيضا في أنها ليست فقط البيانات التي تحدد مدى قوة أداء الاقتصاد الأمريكي، لكنها أيضا البيانات التي تلقي الضوء على واحدة من مهمتين أساسيتين على الفيدرالي إنجازهما بنجاح من أجل تعزيز أداء الاقتصاد الأمريكي؛ هما استقرار الأسعار وتحقيق الحد الأقصى للتوظيف في البلاد.
الفيدرالي وسوق العمل
تزداد أهمية بيانات التوظيف في يوليو الجاري في أنها تأتي بعد خطاب لجيروم باول، رئيس الفيدرالي، ونتائج اجتماع يونيو لماضي للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ليزداد اهتمام المستثمرين في أسواق المال بها نظرا لكونها من العوامل التي تحدد مدى نجاح البنك المركزي في إنجاز مهمة من المهام الأساسية المكلف بها.
وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على معدل الفائدة دون تغيير في اجتماع 11-12 يونيو الماضي، متفاديًا خفضه وسط استمرار معركته ضد التضخم التي أعرب البنك المركزي ورئيسه عن حالة من الرضا عما أسفرت عنه جهود السلطات النقدية من خفض للتضخم في اتجاه الهدف الرسمي المحدد بـ2.00%.
بذلك يستمر العمل بمعدل الفائدة في نطاق 5.25% – 5.50%، وهو المعدل الذي يتبناه البنك المركزي منذ يوليو الماضي عندما رفع الفائدة إلى هذا المستوى، مما يشير إلى أعلى مستوى له في حوالي 23 سنة.
وفيما يتعلق بسوق العمل، رجح عدد من الأعضاء أيضًا أن هناك بعض التطورات التي استجدت في سوق المنتجات وسوق العمل في الولايات المتحدة ألقت الضوء على ما يؤيد وجهة نظرهم التي تتضمن أن الضغوط التضخمية تتراجع، وفقا لنتائج اجتماع الفيدرالي التي ظهرت الأربعاء الماضي.
وقالت النتائج: “عند النظر في بيانات التوظيف التي ظهرت في الفترة الأخيرة، لاحظ بعض المشاركين أنه على الرغم من أن ارتفاع معدل نمو الوظائف لا يزال قويًا، فإن التحسن الحالي يتسق مع التوازن المطلوب توافره في سوق العمل بشكل أكبر مما كان عليه في الماضي بسبب الهجرة”.
وأشار جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى أن مخاطر التحرك مبكرًا للغاية أو في وقت متأخر للغاية أصبحت متعادلة في الوقت الراهن هذا العام، إذ بدأ التضخم في الهبوط بينما احتفظ “سوق العمل بقوته”، وذلك في منتدى نظمه البنك المركزي الأوروبي في البرتغال هذا الأسبوع. وتجدر الإشارة إلى أن باول يتبنى في هذا المنتدى خطابًا يسوده التفاؤل بعد أن كان خطار الفيدرالي منذ العام الماضي يركز على مخاوف عودة الأسعار إلى الارتفاعات الحادة مرة أخرى، وهو ما يعطي المزيد من الأهمية لبيانات التوظيف التي تمثل عاملًا أساسيًا في إنجاز الفيدرالي لتكليفه الثنائي الذي يتضمن الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق الحد الأقصى من التوظيف.
سيناريوهات بيانات التوظيف
نتوقع اثنين من السيناريوهات المتوقعة لبيانات التوظيف الأمريكية؛ أحدهما إيجابي بينما يشير الآخر إلى احتمالات سلبية البيانات الأمريكية الأهم على مدار الشهر.
وتستند تلك السيناريوهات إلى عدد من مؤشرات التوظيف الأولية التي من خلالها نستطيع رسم صورة واضحة لما قد تكون عليه بيانات التوظيف الأمريكية.
السيناريو الإيجابي
يدعم سيناريو تحسن بيانات التوظيف الأمريكية بعض المؤشرات الأولية التي نشير إليها فيما يلي
وتراجع مؤشر تشالنجر لإلغاء الوظائف في الولايات المتحدة إلى 48786 وظيفة تم إلغاؤها في يونيو الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت إلغاء 63816 وظيفة الشهر السابق.
وارتفع مؤشر فرص العمل JOLTS إلى 8.14 مليون فرصة عمل في إبريل الماضي مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت 7.919 مليون فرصة عمل، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 7.910 مليون فرصة عمل.
وارتفع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشيجان الأمريكية إلى 68.2 نقطة في يونيو الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 65.6 نقطة، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أِشارت إلى 65.8 نقطة.
السيناريو السلبي
وحقق مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادر عن إدارة المعالجة الإلكترونية للبيانات (APD) ارتفاعًا بـ192000 وظيفة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 206000 وظيفة. ورغم تراجع القراءة مقارنة بسابقتها، أكد المؤشر استمرار نمو الوظائف إلى مستويات أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 175000 وظيفة.
ارتفع مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات الخدمي الأمريكي الصادر عن معهد دراسات الإمدادات إلى 48.5 نقطة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 48 نقطة.
كما ارتفع مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي الصادر عن معهد دراسات الإمدادات إلى 47.4 نقطة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 45.9 نقطة.
كما ارتفع إجمالي عدد المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية أي تغيير ليثبت عند مستوى 1.858 مليون مستفيدًا في الأسبوع المنتهي في 21 يونيو الماضي مقابل 1.832 مستفيدًا الأسبوع السابق.
وسجلت قراءة مؤشر مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2023 لتستقر عند 239000 مطالبة مقابل 236000 نفس الرقم مليون الذي سُجل الأسبوع السابق.
وبسيطرة السيناريو السلبي على المشهد، قد يؤدي التراجع في بيانات التوظيف الأمريكية الذي تشير إليه التوقعات إلى أن يرى الفيدرالي أنه نجح إلى حدٍ كبيرٍ في إحراز تقدم على صعيد المعركة ضد التضخم، مما قد يثير التفاؤل في الأسواق ويعمل لصالح أصول المخاطرة.
وحال مخالفة نمو الوظائف التوقعات بارتفاع يتجاوز مستوى التوقعات، قد نرى تعافيا للدولار الأمريكي على حساب الأسهم الأمريكية والذهب.