من المتوقع أن يخفض بنك كندا الفائدة في اجتماع يناير الجاري الذي ينعقد الأربعاء الماضي في ضوء ما هو معروف عنه في السنوات القليلة الماضية، إذ كان البنك المركزي الرئيسي هو الأسرع في خفض الفائدة على مستوى العالم منذ أن بدأت الدول المتقدمة في دراسة التحول إلى الدورة الحالية من التيسير الكمي لتغير اتجاه السياسة النقدية جذريًا بعد استقرار معدلات التضخم.
وربما تتجاوز التوقعات الحالية للسياسة النقدية الكندية اجتماع يناير الجاري إلى الاجتماع الذي يليه أيضًا، إذ تثمن أسواق المال خفضًا إضافيًا بـ 25 نقطة أساس أيضًا في اجتماع مارس المقبل بعدها قد يتوقف البنك المركزي عن الخفض ليلحق بالفيدرالي الذي يتوقع على نطاق واسع ان يتوقف في اجتماع الشهر الجاري.
ومن الطبيعي أن تكون هذه التوقعات، التي تتداولها الأسواق بكثافة في الفترة الأخيرة، من أهم العوامل التي أدت إلى هبوط حاد للدولار الكندي مقابل نظيره الأمريكي، إذ تستقر العملة الكندية عند أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأمريكي في خمس سنوات.
اضطرابات سياسية
ومثله مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يصدر قرار الفائدة الأربعاء أيضًا، يشهد بنك كندا تراجعًا في أهمية قرار الفائدة لأن الأسواق تثمنه إلى حدٍ كبيرٍ، مما يجعل تحقق التوقعات أمرًا غير مثير للاهتمام على الإطلاق. لذا يتحول اهتمام وتركيز الأسواق على خطاب السياسة النقدية في بيان الفائدة الذي يصدر عن بنك كندا علاوة على تصريحات محافظ البنك المركزي تيف ماكليم.
وهناك بعض النقاط السلبية التي حال إشارة بيان الفائدة الكندية إليها، قد نشاهد المزيد من هبوط الدولار الكندي في هذا اليوم الهام الذي ينتظر فيه المستثمرون إشارات أوضح إلى المسار المستقبلي للسياسة النقدية في كندا.
وقد يشهد الدولار الكندي المزيد من الهبوط إذ تضمن بيان الفائدة إشارة إلى اقتراب نهاية الدورة الحالية من التيسير الكمي أي نهاية خفض الفائدة، وهو ما قد يستند فيه البنك المركزي إلى الدفعات الأخيرة من بيانات التضخم.
كما تتضمن هذه السلبيات الحديث عن الاضطرابات السياسية التي تعيشا البلاد منذ استقالة رئيس الوزراء جاستن ترودو وحالة انعدام اليقين التي تسيطر على المشهد السياسي، والتي قد تستمر حتى يتم اختيار من يخلف ترودو من منصبه، وهو ما قد يزعزع الثقة في السياسات الاقتصادية الكندية نظرًا لإمكانية خضوعها لتغييرات كبيرة مع القيادة السياسية الجديدة، ومن ثم يزداد الدولار الكندي ضعفًا.
تهديدات ترامب
تحتل التعريفة الجمركية صدارة المشهد الحالي على صعيد السياسات التجارية لإدارة ترامب، وهي السياسات التي أقل ما يُقال عنها إنها “سياسات تضخمية”. لذا يتوقع أن يتناول بيان الفائدة أو حديث جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أو كلاهما معًا إشارة إلى تلك السياسات وما يمكن أن تؤدي إليه من زيادة في الضغوط التضخمية.
وكانت أحدث تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين الماضي عندما أكد في تصريحات صدرت في هذا الشأن على رغبته في أن تتوسع الولايات المتحدة في التعريفة الجمركية التي تُفرض على الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة من جميع أنحاء العالم “من الصلب والنحاس إلى أشباه الموصلات”.
وقال ترامب أيضًا إنه يدرس “زيادة التعريفة الجمركية العامة إلى مستويات أعلى من 2.5%”، وهو ما يشير إلى رفع التعريفة الجمركية التي تغطي جميع الواردات الأمريكية. ويلقي ذلك الضوء على أن الرئيس الأمريكي قد يبدأ قريبًا في إعادة هيكلة السياسات التجارية للولايات المتحدة. على ذلك قد يؤدي التطرق إلى القيود التجارية لترامب في بيان الفائدة الكندية أو تصريحات ماكليم إلى إضعاف العملة الكندية.
كما يمكن أن يترك بنك كندا البابا مفتوحًا أمام احتمالات أن يتبنى وتيرة أبطأ في خفض الفائدة في الفترة المقبلة، وهو ما قد يجعل السلطات النقدية الكندية تلجأ إلى استخدام ألفظ تشير إلى الإبطاء من وتيرة التيسير الكمي دون التطرق إلى مسألة التوقف عن الخفض كليةً. وحال استخدام هذه العبارات، قد نرى المزيد من هبوط العملة الكندية.