قرار الفائدة الكندية: ما هي التحديات التي تواجه بنك كندا رغم تحسن سوق العمل؟

من المتوقع أن يُبقي بنك كندا على الفائدة دون تغيير عند 2.75% للمرة الثالثة على التوالي الأربعاء، وذلك في ظل ارتفاع التضخم باستثناء المكونات الأكثر تذبذبًا – الغذاء والطاقة – خلال الأشهر القليلة الماضية وتراجع السيناريوهات الأسوأ للاقتصاد الكندي.

ونرجح أن البنك المركزي قد ا يكون في عجلة من أمره لاتخاذ القرار بالمزيد من خفض الفائدة نظرًا لتوافر العوامل التي من شأنها أن تؤهل الاقتصاد من تحمل بيئة نقدية تسودها معدلات فائدة مرتفعة لبعض الوقت.

وشهدت الفترة الأخيرة ظهور قدرة الاقتصاد في كندا على احتواء الآثار المترتبة على التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم وقطاع السيارات، والتي تم تعليق أغلبها، مما يساعد البنك المركزي على التمهل في تطبيق المزيد من التيسير الكمي.

كما أن هناك الكثير من إشارات تعافي الاقتصاد بعثت بها البيانات الاقتصادية إلى أسواق المال، من بينها تحسن كبير في نمو الوظائف الذي سجل ارتفاعًا قياسيًا بواقع 83100 وظيفة في يونيو الماضي، مما يشير إلى أعلى المستويات في منذ يناير الماضي.

وكانت القطاعات الأكثر ازدهارًا من حيث نمو الوظائف هي الرعاية الصحية، والرعاية الاجتماعية، وقطاع التجزئة في كندا علاوة على إضافة قطاع التصنيع في البلاد للكثير من الوظائف في تلك الفترة.

التضخم الكندي

في نفس الوقت، ظلت مؤشرات التضخم – التي تستثني أسعار الغذاء والطاقة – التي يتابعها بنك كندا عن كثب مستقرة بالقرب من 3.00% وهو الحد الأعلى لنطاق هدف التضخم الذي حدده البنك بين 1.00% و3.00%، وهو ما يوفر للبنك المركزي رفاهية الانتظار والتمهل قب استئناف خفض الفائدة.

وبتحسن أوضاع سوق العمل الكندي بقوة، لا يتبقى أمام بنك كندا سوى شق واحد فقط من شقي التكليف الرسمي الملقى على عاتقه، وهو التضخم الذي ينبغي أن يتابعه بعناية ويتخذ كل ما يلزم من إجراءات للحفاظ عليه في النطاق الرسمي.

ويتكون التكليف الرسمي والمهمة الأساسية للبنك المركزي في كندا من شقين؛ هما الحفاظ على استقرار الأسعار الذي يحدث من خلال بقاء التضخم في النطاق المستهدف للبنك المركزي. أما الشق الثاني فيتمثل في تحقيق الحد الأقصى من التوظيف، وهو ما تعكسه بيانات التوظيف التي تتضمن نمو الوظائف، ونمو الأجور، والبطالة.

آثار مؤجلة

أظهرت نتيجة استطلاع رأي أجراه بنك كندا أن بعض الشركات تتردد في تمرير تكاليف المدخلات المرتبطة بالتعرفة الجمركية على المستهلكين، وتفضل بدلًا من ذلك خفض هوامش أرباحها للحفاظ على حصتها في السوق.

ومن المرجح أن تكون هناك حالة من الترقب لآثار التعريفة الجمركية بين الشركات الكندية، إذ تتوقع الأسواق أن عدم ظهور هذه الآثار على أرض الواقع قد يشير إلى أنها مؤجلة، وأنها قد تظهر بمرور الوقت لتترك بصمة سلبية على أسعار المستهلك الكندي على نطاق واسع.

ومن المتوقع أن يستشهد البنك المركزي بقوة سوق العمل في كندا في المرحلة الراهنة ضمن مبرراته للإبقاء على الفائدة دون تغيير في الوقت الذي سجل فيه معدل البطالة 6.9% في يونيو الماضي مقابل 7.00% الشهر السابق منخفضًا علاوة على إضافة الاقتصاد الكندي حوالي 83000 وظيفة في نفس الفترة.

ويُعد ذلك من أهم الأدلة الاقتصادية التي تؤيد إبقاء البنك المركزي على الأوضاع النقدية في البلاد كما هي، إذ لا يحدث مثل هذا التراجع في البطالة في أوقات الركود. ومن دون شك، تقف هذه الحقيقة بين العوامل التي تزيد من طمأنينة البنك المركزي للأوضاع الاقتصادية في البلاد.

ولم تتوصل كندا إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة حتى الآن، مما يجعل الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام الكثير من الاحتمالات.

فقد يتوصل الجانبان إلى اتفاق تجاري يحق صالح الجميع، وفي هذه الحالة يكون بنك كندا قد تجاوز أحد أكبر التحديات التي تواجهه في الوقت الراهن، والتي تجعله في مواجهة قدر كبير من انعدام اليقين حيال الآثار المتوقعة للتعريفة الجمركية، إذ يقضي مثل هذا الاتفاق على احتمالات فرض واشنطن تعريفة جمركية تعجيزية على واردات الولايات المتحدة من كندا.    

أما السيناريو الثاني فيتمثل في أن تكون بين واشنطن وأوتاوا حربًا تجارية ممتدة، مما يصعب الأمور على كلا الدولتين، لكن المهمة الأصعب في هذه الحالة سوف تُلقى على عاتق البنك المركزي المسؤول عن الحفاظ على استقرار الأسعار ورفع معدلات التوظيف في سوق العمل الكندي.

وتكمن أهمية السيناريوهين في أنهما يتحكمان إلى حدٍ كبيرٍ فيما يمكن أن يحققه الاقتصاد الكندي من نمو على كافة الأصعدة.