في 26 نوفمبر 2025، عرضت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز موازنة الخريف على البرلمان بهدف سد فجوة مالية تُقدّر بما يتراوح بين 20 و30 مليار جنيه إسترليني وسط تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.
كما تضمنت موازنة الخريف زيادات ضريبية بقيمة 26 مليار جنيه، والتي تشمل تجميدًا لثلاث سنوات على حدود الضرائب الشخصية، وزيادة في مساهمات التأمين الوطني على الشركات، وإصلاحات في ضرائب العقارات والأرباح الرأسمالية.
ولا تقتصر هذه الإجراءات على الشأن المالي الداخلي، بل تحمل انعكاسات مباشرة على سياسة بنك إنجلترا النقدية وأداء الجنيه الإسترليني في المدى القصير.
ومن المرجح أن هذا التشديد المالي قد يمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة، بما يساعد على السيطرة على التضخم لكنه يضغط على العملة في نفس الوقت.
تشديد مالي قبل خفض الفائدة
من المتوقع أن تدعم الموازنة وتيرة أسرع لخفض الفائدة لدى بنك إنجلترا، إذ يعمل الانضباط المالي كعامل كابح للتضخم، مما يمنح لجنة السياسة النقدية مساحة أكبر لتخفيف السياسة دون إشعال الضغوط التضخمية.
وتشير تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة إلى أن الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق قد تقلص التضخم بنحو 0.5% في الربع الثاني من 2026.
وتعزز هذه الإجراءات توقعات الأسواق بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر 2025 مع احتمالات لمزيد من التخفيضات في 2026، حيث يُتوقع أن يتراجع التضخم من 3.6% في أكتوبر 2025 إلى 2.00% بحلول الربع الأول من 2027.
ورغم أن السياسة المالية المشددة تدعم التيسير الكمي، فإنها تثير مخاوف بشأن النمو، ما يجعل الجنيه في وضعٍ هشٍ.
ضغوط على الإسترليني
على المدى القصير، يواجه الجنيه ضغوطًا في الاتجاه الهابط نتيجة توقعات خفض الفائدة بشكل أسرع مع تقلبات حادة محتملة في الأسابيع التالية لإعلان الموازنة.
ورغم أن العملة البريطانية ارتفع مؤقتًا إلى 1.3177 مقابل الدولار بعد الإعلان، مستفيدًا من مساحة مالية إضافية بقيمة 22 مليار جنيه خفّضت عائدات السندات وعززت الثقة بالاستدامة المالية، فإن استمرار العبء الضريبي قد يبطئ النمو ويدفع بنك إنجلترا إلى خفض أكبر للفائدة، ما يبقي العملة تحت الضغط.
تفاعل السياسة المالية والنقدية
تعتمد فعالية الميزانية على توازنها مع السياسة النقدية. فالمساحة المالية الإضافية تمنح بنك إنجلترا فرصة للتركيز على الاستقرار دون قلق مفرط بشأن الدين العام، فيما يساهم انخفاض التضخم في تقليص تكاليف خدمة الدين بنحو ملياري إسترليني في 2026–2027.
ومن المرجح أن يحافظ البنك المركزي على معدل الفائدة الحالي عند 4.00% قبل أن يبدأ خفضًا تدريجيًا في ديسمبر، مدعومًا بأثر الزيادات السابقة.
ومع ذلك، فإن استمرار الفجوة المالية قد يرفع العوائد مجددًا ويضغط على العملة، في مشهد يذكّر بأزمة ميزانية 2022.
وتضيف السياسات التجارية الأمريكية والتوترات الجيوسياسية مزيدًا من التعقيد أمام قرارات بنك إنجلترا.
تضع موازنة الخريف 2025 بنك إنجلترا على مسار محتمل لخفض الفائدة، بما يساعد على تهدئة التضخم، لكنها تفرض ضغوطًا قصيرة المدى على الجنيه الإسترليني، مع توقعات بتذبذبه بين 1.3000 و1.3200 مقابل الدولار الأمريكي.
وقد يشكل نجاح التوازن بين السياسة المالية والنقدية نقطة تحول نحو الاستقرار، أما الفشل فقد يعمّق تباطؤ الاقتصاد.
نور تريندز أخبار وتحليل فني وأدوات تعليمية وتوصيات