كان التحسن في إنفاق المستهلك هو كلمة السر في التفاؤل الذي ساد أسواق المال العالمية على مدار تعاملات الثلاثاء بعد أن ألقت مؤشرات ظهرت بافتتاح التعاملات الأمريكية الضوء على تحسن في مبيعات التجزئة الأمريكية.
ورغم تسجيل مبيعات التجزئة في إبريل الماضي مستويات أقل من الشهر السابق، كانت الإيجابية في أن القراءات الفعلية جاءت أعلى من توقعات السوق وأقل تدهورا مما رجحه محللو الأسواق في وقت سابق.
وبمجرد ظهور البيانات بدأت أصول المخاطرة في الارتفاع مقابل أصول الملاذ الآمن، وهو ما اتضح من خلال حركة السعر منذ التعاملات الصباحية التي تضمن ارتفاع الأسهم في وول ستريت وصعود عائدات سندات الخزانة الأمريكية مقابل هبوط الدولار الأمريكي وتراجع العقود الآجلة للذهب.
ويبدو أن الأسواق كانت تتعطش إلى الإيجابية وسط سيطرة العديد من العوامل السلبية التي سيطرت على الأسواق في الفترة الأخيرة، والتي تضمنت مخاوف المزيد من الارتفاعات الحادة في معدل التضخم، والإغلاق في الصين بسبب فيروس كورونا، علاوة على مخاوف المزيد من التوتر على صعيد الصراع في أوكرانيا.
كما أسهمت تصريحات أدلى بها رئيس الفيدرالي جيروم باول الثلاثاء لصحيفة وول ستريت جورنال فيما حدث من تحسن شهية المخاطرة في أسواق المال العالمية بعد أن أكد باول أن الفيدرالي مستمر في رفع الفائدة حتى ينخفض التضخم.
وقال رئيس الفيدرالي: “ما نحتاجه الآن هو أن نرى التضخم يتراجع بطريقة واضحة ومقنعة وسوف نستمر في الدفع به حتى نرى ذلك يتحقق. وإذا لم يحدث ذلك، فسوف نبدأ في دراسة إمكانية تحركات أكثر قوة”.
وأضاف باول أنه أثناء رفع الفائدة في الاجتماعات المقبلة للسياسة النقدية التي يعقدها الفيدرالي، سوف يعمل البنك المركزي على “تقييم الأوضاع الاقتصادية في كل اجتماع علاوة على تقييم كل دفعة من البيانات التي تظهر في الفترة المقبلة على حدة لتقييم أداء الاقتصاد”.
وتابع: “إذا تطلب الأمر التحرك إلى مستويات فائدة أعلى من المعدل المحايد، فلن نتردد في فعل ذلك. وسوف نستمر في ذلك حتى نشعر بأننا في موقف نقول فيه ’نعم، الأوضاع المالية جيدة، ونرى أن التضخم قد بدأ ينخفض”.
ورأى المستثمرون في أسواق المال أن جيروم باول تحدث بطريقة تلقي الضوء على إمكانية تحول الفيدرالي إلى تبني لغة أقل حدة أثناء الحديث عن الرفع المستقبلي للفائدة، وأن تحركات الفيدرالي المقبلة نحو التشديد قد تكون تدريجية.
حققت الأسهم الأمريكية ارتفاعا في مستهل التعاملات اليومية الثلاثاء بدفعة من تحسن مبيعات التجزئة الأمريكية التي أظهرت تحسنا في إبريل الماضي.
وارتفع داو جونز الصناعي إلى 32463 نقطة بعد أن أضاف حوالي 235 نقطة أو 0.7%. كما ارتفع مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 4061 نقطة بمكاسب بلغت 53 نقطة أو 1.4%. كما سار ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة على نفس النهج الصاعد، محققا ارتفاعا إلى إلى 11881 نقطة بعد أن حقق مكاسب بحوالي 219 نقطة أو 2.00%.
وارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية في إبريل الماضي بواقع 0.9% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا أكبر بواقع 1.4%، وهو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.7%.
وارتفعت مبيعات التجزئة باستثناء مبيعات السيارات في الولايات المتحدة بواقع 1.00% مقابل الارتفاع الأكبر الذي سُحل في قراءة الشهر السابق عند 1.1%، مما جعل القراءة الفعلية تتجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 0.5%.
وهبط مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 103.33 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 104.15 نقطة.
وارتفع المؤشر إلى أعلى مستوى له في يوم التداول الثلاثاء عند 104.23 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سحل 103.23 نقطة.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بدفعة من التفاؤل في أسواق المال الذي جاء بعد ظهور بيانات إنفاق المستهلك الأمريكية التي ألقت الضوء على تحسن في مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 2.991% مقابل الإغلاق المسجل في الجلسة الماضية عند 2.880%.
وهبطت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى لها في يوم التداول الثلاثاء عند 2.879% مقابل أعلى المستويات الذي سجل 2.992%.
وتسببت حالة من الارتياح لواقع الاقتصاد الأمريكي، استنادا إلى تحسن مبيعات التجزئة الأمريكية، في عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض قيمة تلك السندات ومن ثم ارتفاع عائداتها نظرا لوجود علاقة عكسية بين العائدات والقيمة.
في المقابل، أنهى الذهب تعاملات الثلاثاء في الاتجاه الهابط بضغط من ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية التي استفادت من البيانات الإيجابية التي ألقت الضوء على تحسن فاق التوقعات في مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة في إبريل الماضي.
وهناك علاقة عكسية بين الذهب وعائدات سندات الخزانة الأمريكية، إذ يرتبط ارتفاع الذهب بالتدهور في شهية المخاطرة في أسواق المال وسيطرة تطورات سلبية على المشهد بينما ترتفع عائدات السندات السيادية الأمريكية في أوقات التفاؤل حيال المسار المستقبلي للاقتصاد.
وارتفعت العقود الآجلة للذهب إلى مستوى 1814 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي المسجل في نهاية جلسة الاثنين الماضي عند 1824 دولار للأونصة. وحققت عقود المعدن النفيس أعلى مستوى أثناء جلسة الثلاثاء عند 1836 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1813 دولار.