يتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي الفائدة 25 نقطة أساس وسط تدهور النظرة المستقبلية للنمو في منطقة اليورو وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين في الفترة الأخيرة وانعدام اليقين الذي لا يزال يحيط بالمدى الذي قد تصل إليه هذه التوترات.
وأشارت نتائج مسح أجرته رويترز إلى أن 61 من المحللين الاقتصاديين المشاركين رجحوا أن البنك المركزي قد يخفض الفائدة في اجتماع 17 إبريل الجاري، وذلك من إجمالي 71 محللًا اقتصاديًا هم عدد المشاركين في المسح.
كما توقع 70% من المشاركين أن تُخفض الفائدة الأوروبية مرة واحدة بعد ذلك في اجتماع يونيو المقبل، مما يجعل معدل الفائدة الرئيسي 2.00%.
وتواجه السلطات النقدية في أوروبا وغيرها من اقتصادات العالم الرئيسية معضلة كبيرة أثناء دراسة القرارات التي تتعلق بالمسار المستقبلي للسياسة، إذ يجدون أنفسهم في خيار ينطوي على تحدي كبير بين خفض الفائدة لدعم النمو أو الإبقاء عليها للتحصن ضد أي ارتفاعات مفاجأة في معدلات التضخم.
وظهر هذا الخيار الصعب في الفترة الأخيرة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض التعريفة الجمركية على واردات بلاده من عدد كبير من شركائها التجاريين.
وتسببت الإعلان عن هذه السياسات التجارية في اضطرابات وتقلبات حادة في الأسواق نظرًا لما أثارته من مخاوف الركود التضخمي التي تتضمن نمو أكثر تباطؤ وتضخم أكثر ارتفاعًا.
المزيد من الوضوح
ظهرت أغلب التوقعات بخفض الفائدة الأوروبية قبل بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان فرض التعريفة الجمركية على مختلف الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما قد يجعل من الصعب في الوقت الحالي أن نضمن مدى ما تتمتع به هذه التوقعات من دقة. فالفوضى تسود أسواق المال والتقديرات الحالية على صعيد الاقتصاد العالمي لا تزال تفتقر إلى الوضوح، مما يجعل مهمة البنك المركزي أصعب من ذي قبل أثناء دراسة القرارات الهامة مثل قرار الفائدة.
ولم يستبعد المركزي الأوروبي في اجتماع مارس الماضي أن يتوقف مؤقتًا عن خفض الفائدة، لكن ذلك قد لا ينطبق على الوضع الحالي بعد قرارات التعريفة الجمركية التي أصدرها ترامب. فالبنك المركزي أصبح مدفوعًا بقوة نحو خفض للفائدة 25 نقطة أساس لمواجهة مخاطر تدهور الاقتصاد في منطقة اليورو، والتي قد تزداد تدهورًا بزيادة 20% على التعريفة الجمركية المفروضة على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.
ولا تزال التعريفة الجمركية تمثل مصدًا لتهديد كبير لبيئة التجارة في الاتحاد الأوروبي، إذ من الممكن أن تشهد المنطقة تغيرات كبيرة ستهدف التكيف مع الأوضاع الجديدة والرسوم التي فُرضت والتي يتوقع أن تُفرض في الفترة المقبلة، مما يزيد من الحاجة إلى خفض الفائدة.
ورغم التفاؤل الذي أثارته حزمة الاستثمارات في البُنى التحتية والدفاع في منطقة اليورو، خاصةً في ألمانيا، جاءت التوترات التجارية لتبدد التفاؤل حيال النمو الاقتصادي الذي كانت القرارات الألمانية وراء زيادته.
انقسام
يبدو أن هناك انقسام بين أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي بين مؤيد ومعارض لخفض الفائدة. وقال محافظ البنك المركزي الفرنسي فيلروي جالو لوسائل إعلام الأسبوع الماضي إنه ينغي خفض الفائدة الأوروبية بسرعة، معللًا ذلك بأنه رغم النزاعات التي قد تنشأ على صعيد التعريفة الجمركية وما يثيره ذلك من مخاوف صعود التضخم إلى مستويات تثير القلق، تحقق منطقة اليورو تقدمًا كبيرًا على صعيد توقف نمو الأسعار.
في المقابل، هناك من بين الأعضاء من يرى أنه لا داعي للعجلة فيما يتعلق بخفض المعدلات، من بينهم محافظ بنك النمسا روبرت هولتزمان الذي رجح أنه لا يوجد ما يدعو إلى “خفض الفائدة عن المستويات الحالية، لا أرى سببًا لذلك وينبغي أن أغير رأيي”.
ويتوقع على نطاق واسع أن يتخذ المركزي الأوروبي قراره بخفض الفائدة في اجتماع إبريل 25 نقطة يليه قرار بخفض مماثل في اجتماع يونيو المقبل، وهي التوقعات التي قد لا يمكن أن تصل إلى ما هو أبعد من ذلك نظرًا لحالة انعدام اليقين التي تسببها السياسات التجارية للإدارة الأمريكية.