يتوقع على نطاق واسع أن يبقي الفيدرالي على معدل الفائدة دون تغيير في اجتماعه الذي يبدأ في 30 إبريل الجاري وينتهي في آخر يوم العمل في الولايات المتحدة في الأول من مايو المقبل، وهي التوقعات التي تستند إلى ما ردده أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي في أكثر من مناسبة من أنهم لا يزالون في حاجة إلى المزيد من الأدلة على أن التضخم في طريقه إلى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00% بخطة ثابتة.
ويبدو أن تثبيت الفائدة المحتمل، الذي قد يكون نتيجة لما عكسته البيانات الاقتصادية من أن الفيدرالي قد يكون عالقًا بين تراجع النمو الاقتصادي، الذي عكسته مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي التي ظهرت الأسبوع الماضي، من جهة وارتفاع التضخم الثابت في قراءات نفقات الاستهلاك الشخصي من الجهة الأخرى.
وسجل مؤشر الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة هبوطًا إلى مستويات أدنى من توقعات السوق في الربع الأول من 2024، وهو ما جاء أيضًا أدنى من قراءة نفس الفترة من العام الماضي، مما يشير إلى تدهور في القراءة الفعلية. وسجل المؤشر هبوطًا إلى 1.6% مقابل القراءة المسجلة في الربع الأول من العام الماضي عند 3.4% وأدنى من التوقعات التي أشارت إلى هبوط أقل حدة إلى 2.5%، وفقا للبيانات الصادرة الخميس.
كما ألقت قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهي إحدى حلقات سلسلة من المؤشرات التي تحمل هذا الاسم والتي يعتبرها الفيدرالي الأكثر مصداقية واعتمادية في قياس التضخم في الولايات المتحدة، ارتفاعًا بـ3.4% في الربع الأول من 2024 مقابل القراءة السابقة التي سجلت 1.8%.
ويعني ذلك أن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال يرتفع، متمسكًا بمستويات بعيدة عن الهدف الرسمي للأسعار المحدد من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يثني البنك المركزي عن خفض الفائدة في وقت قريب.
“قد لا يرفع الفائدة هذا العام”
كان من أبرز التصريحات التي خرجت من أورقة الفيدرالي بشأن السياسة النقدية تصريحات رافاييل بوستيك، رئيس الفيدرالي في أطلنطا، التي استبعد خلالها أن يرفع الفيدرالي قبل نهاية العام الجاري.
ومع تراجع الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي إلى 1.6% في الربع الأول من 2024 وارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي للشهر الثالث على التوالي إلى مستويات تفوق توقعات الأسواق أيضًا، قد نشاهد تغير في خطاب الفيدرالي في اتجاه الإبقاء على المعدلات الحالية دون تغير لبعض الوقت.
ويلقي هذا الاحتمال الضوء على تغير هام في حركة السعر في أسواق المال العالمية، إذ يعني الإبقاء على معدل الفائدة وعدم البدء في خفضه أن الدولار سوف يستمر في بين الأصول مرتفعة العائدات، مما يشير إلى إمكانية تحقيق العملة مكاسب كبيرة في الفترة المقبلة.
لغة الفيدرالي
لن يكون كل ما يتعلق باجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة متوقعًا، وبالطبع لا تثمن الأسواق كل الاحتمالات. لذلك قد تشاهد الأسواق لغة مختلفة إلى حدٍ ما يستخدمها الفيدرالي في صياغة بيان الفائدة الذي يصدر عقب إعلان قرارات السياسة النقدية.
ومنذ بداية هذا العام، يواصل الفيدرالي تضمين خطابه للأسواق فقرات تشير إلى حالة من الارتياح إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية وتشير إلى أن معدلات الفائدة ربما تكون وصلت إلى أعلى مستوياتها أو الحد الأقصى لها، وأن التضخم تراجع إلى منطقة قريبة من هدف البنك المركزي، وهو ما يعني دون أدنى شك أن البنك المركزي يرجح كفة اقتراب البدء في خفض الفائدة.
يُضاف إلى ذلك التوقعات الرسمية للفائدة – التي تصدر استنادًا إلى نتيجة تصويت أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على المسار المستقبلي للفائدة أثناء اجتماع ديسمبر الماضي – والتي أشارت إلى إمكانية أن يرفع الفيدرالي الفائدة 3 مرات في 2024.
على الرغم من ذلك، قد نشاهد تغييرًا في هذا الخطاب واللغة التي يتحدث بها البنك المركزي عن مسار الفائدة في الفترة المقبلة، خاصة عقب ظهور بيانات التضخم التي ألقت الضوء على ارتفاع مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي.
على ذلك، نرجح أن التراجع في نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي واستمرار ارتفاع معدلات التضخم بوتيرة أسرع مما تشير إليه التوقعات من شأنهما أن يؤديا إلى تأخير البدء في خفض الفائدة من أجل التصدي للتضخم.
ومعنى ذلك أن هذا الوضع بكل معطياته يشير إلى إمكانية أن تظل الفائدة الفيدرالية عند مستويات مرتفعة لفترة قد تكون طويلة، وهو ما قد يوفر دفعة قوية للدولار الأمريكي ويهب العملة الأمريكية بعض القوة في الفترة المقبلة.