يُتوقع على نطاقٍ واسعٍ أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي على معدل الفائدة دون تغيير الأربعاء في ختام اجتماعه الذي يمتد على مدار يومين.
ويأتي اجتماع مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي وسط تطورات إيجابية هامة، أبرزها تغيير جذري في اللغة التي يتحدث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الحديث عن رئيس الفيدرالي جيروم باول.
أما التطور الإيجابي الثاني فيتمثل في التوصل إلى اتفاقات تجارية هامة بين الولايات المتحدة وشركاء تجاريين؛ اليابان والاتحاد الأوروبي.
وكان البنك المركزي قد أشار في أكثر من مناسبة إلى أنه سوف ينتظر قبل تغيير الموقف الحالي من السياسة النقدية إلى حتى تظهر آثار التعريفة الجمركية لإدارة ترامب على الاقتصاد.
وتضمن خطاب الفيدرالي، سواء على مستوى بيان الفيدرالي الصادر عقب الاجتماع الماضي لمجلس محافظي البنك المركزي أو خطاب رئيس مجلس المحافظين للفيدرالي، إشارات دفعت بالأسواق إلى توقع أن يكون أول خفض للفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل.
الأوضاع الاقتصادية
منذ الاجتماع الماضي، لم تتغير الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة بالقدر الذي يشجع البنك المركزي على تغيير الموقف الحالي للسياسة النقدية.
فلا يزال سوق العمل يشهد تحسنًا كبيرًا في نمو الوظائف بينما يتراجع نمو الأجور ويهبط معدل البطالة.
كما يتراجع التضخم، وفقًا للعديد من مؤشرات التضخم الأمريكي، لكنها أغلب القراءات التي ظهرت حتى الآن تشير إلى أن التضخم لا يزال أعلى من هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
ومن المؤكد أن مثل هذه الأوضاع الاقتصادية لن تشكل دافعًا للسلطات النقدية لتغيير أي من الأوضاع الحالية.
ويثبت الفيدرالي معدل الفائدة في منطقة 4.25%- 4.50% هذا العام وسط توقعات من قبل صناع السياسة النقدية في البنك المركزي بأن تُخفض الفائدة مرتين قبل نهاية 2025.
وربما يكون الفيدرالي قريبًا من اتخاذ قرار يجعله في الاتجاه المعاكس لما هو عليه في الوقت الراهن فيما يتعلق بالسياسة النقدية. وأشارت أداة FedWatch الصادرة عن بورصة شيكاجو التجارية، يثمن المستثمرون احتمالًا بنسبة 62% لخفض الفائدة في سبتمبر المقبل.
وبحلول ذلك الوقت، سيكون لدى الفيدرالي دفعتين جديدتين من بيانات التوظيف الأمريكية لشهري يوليو وأغسطس، ما يزوده بأدلة حول مدى ما يتمتع به سوق العمل من قوة أو أدلة ترجح تراجعه.
“يعتمد على البيانات”
في حين تنتشر توقعات خفض الفائدة في سبتمبر المقبل على نطاق واسع في الأسواق، هناك احتمالات لأن لا يخفض البنك المركزي الفائدة هذا العام على الإطلاق.
فالنهج الحذر الذي يتبناه جيروم باول ظهر جليًا في أكثر من مناسبة، وحتى في الأوقات التي كان فيها رئيس الفيدرالي أكثر تفاؤلًا، عندما قال إن أي تغيير في السياسة النقدية للفيدرالي سوف “يعتمد على البيانات” التي تصدر.
سيناريوهات قرار الفائدة
بينما يظهر الاقتصاد الأمريكي إشارات إلى اكتسابه المزيد من القوة بمرور الوقت، يعكس البيانات الاقتصادية الصادرة في الفترة الأخيرة أن هذه القوة لا تزال عند حدود التعافي المحدود.
ويركز المستثمرون في الوقت الراهن على أوضاع سوق العمل بالتحديد، إذ تظهر أن معدل نمو الوظائف ونمو الأجور لا يزال يتحرك بالحد الأدنى من السرعة اللازمة للتأكد من أن الاقتصاد يتمتع بالقدر المطلوب من القوة التي تؤهل الفيدرالي إلى الإبقاء على معدلات الفائدة عند نفس المستويات المرتفعة القياسية.
على ذلك، قد يكون من الملائم أن يستأنف الفيدرالي خفض الفائدة حتى تتراجع تكلفة الاقتراض لتتمكن الشركات من الحصول على الأموال اللازمة لتحريك النشاط الاقتصادي ومن ثم زيادة سرعة نمو الوظائف والأجور التي تدفع بدورها إلى تعزيز النمو الاقتصادي.
على الجانب الآخر، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00% رغم أن المعدلات أصبحت قريبة منه إلى حدٍ ما. وسجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يعتبره الفيدرالي الأكثر مصداقية واعتمادية بين مؤشرات التضخم الأمريكية، ارتفاعًا بـ2.7% في مايو الماضي، وهو ما يُعد انخفاضًا بحوالي النصف مقارنةً بذروة التضخم التي وصل إليها في أعقاب جائحة كورونا عند 5.5%.
ويرى البعض أن التضخم قد يعود إلى سابق عهده من الارتفاع، إذ تؤجل الشركات رفع الأسعار حتى تتضح الأمور أكثر فيما يتعلق بالأثر الذي قد يترتب على التعريفة الجمركية.