يتوقع على نطاق واسع أن يبقي الفيدرالي معدل الفائدة عند نفس المستويات الحالية في نهاية اجتماعه الأربعاء في ضوء القراءات المتوافرة في الفترة الأخيرة لمعدل التضخم وأوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة. فرغم استقرار التضخم في مكان قريب من هدف البنك المركزي، لا يزال سوق العمل يتمتع بقدر كبير من القوة.
وتثمن الأسواق تثبيت الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في نهاية اجتماع يناير، الاجتماع الأول في 2025، لذا تتوجه أنظار المستثمرين في الأسواق إلى رئيس مجلس محافظي البنك المركزي جيروم باول التماسًا لأي إشارة إلى المسار المستقبلي للسياسة النقدية الفيدرالية.
ولا تزال الأوضاع الاقتصادية الجيدة في الولايات المتحدة مع تراجع وتيرة تباطؤ نمو الأسعار، الذي يجعل هبوط التضخم أقل سرعة، من الأمور التي قد حول دون استمرار الفيدرالي في خفض تكلفة الاقتراض، وهو ما تؤكده تصريحات جيروم باول التي أكد خلالها أن الفيدرالي ليس لديه سيناريو معد سلفًا للإجراءات المستقبلية للبنك المركزي.
وحيث يمتنع الفيدرالي عن التصريح بالمزيد من التكهنات حول السياسات الاقتصادية والتجارية للإدارة الأمريكية الجديدة وأي تكهنات أخرى، ملتزمًا بالمسار الذي يخضع للبيانات الاقتصادية والتطورات السياسية والعالمية، لا يمكن استبعاد تحقق أي من الاحتمالات التي تتضمن عودة التضخم إلى مستويات أعلى في الفترة المقبلة بسبب سياسات الإعفاءات الضريبية والتعريفة الجمركية التي تتحدث عنها إدارة ترامب.
![](https://noortrends.ae/wp-content/uploads/2025/01/Fed-1.png)
التضخم
ارتفعت قراءة مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي بـ0.4% في ديسمبر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا أقل بـ0.3%، وهو ما جاء متوافقًا مع من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
كما سجلت القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي في ديسمبر الماضي ارتفاعًا بـ2.9% مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 2.7%، مما يشير إلى مستويات تتوافق مع توقعات السوق أيضًا.
وعلى صعيد القراءات الأكثر دقة، ارتفعت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في ديسمبر الماضي بـ0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.3% في نوفمبر الماضي، وهو ما يلقي الضوء على تباطؤ في نمو الأسعار رغم توافقه مع توقعات الأسواق.
وارتفعت القراءة السنوية لهذا المؤشر بـ3.2% في ديسمبر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعًا بـ3.3%، مما يشير إلى التباطؤ الأول في نمو الأسعار على أساس سنوي في عدة أشهر، مما أثار تكهنات بإمكانية أن يستمر الفيدرالي في خفض الفائدة في الفترة المقبلة.
![](https://noortrends.ae/wp-content/uploads/2025/01/CPI.png)
بيانات التوظيف
سجل مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة (NFP) ارتفاعًا بـ256000 وظيفة في ديسمبر الماضي مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق عند 212000 وظيفة التي روجعت من القراءة الأصلية التي سجلت 227000 وظيفة، وفقا للبيانات الصادرة عن معهد إحصائيات العمالة الأمريكي. في نفس الوقت، شهد نمو الأجور والبطالة تراجعًا في ديسمبر الماضي.
وفاقت القراءة الفعلية لديسمبر الماضي توقعات الأسواق التي أشارت إلى إمكانية تسجيل زيادة في نمو الوظائف الأمريكية بواقع 166000 وظيفة.
كما سجلت قراءة مؤشر متوسط الكسب في الساعة، الأكثر مصداقية في قياس نمو الأجور الأمريكية، ارتفاعًا بـ0.3% في ديسمبر الماضي، وهو ما جاء أدنى من القراءة السابقة التي ارتفعت بـ0.4%. لكن هذا التراجع جاء متوافقًا مع توقعات السوق، وفقًا للقراءة الشهرية للمؤشر.
وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ3.9% الشهر الماضي مقابل القراءة الصادرة في نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعًا أكبر بـ4.00%، وهو جاء أدنى من توقعات الأسواق.
يتضح من البيانات التي صدرت هذا الشهر على صعيد التضخم والتوظيف أن المشهد الاقتصادي يعكس أن الولايات المتحدة غير مستعدة للمزيد من خفض الفائدة في الوقت الحالية. كما يعكس أن معدل التضخم قريب من هدف البنك المركزي، لكنه يتحرك بوتيرة أبطأ من ذي قبل في الاتجاه الهابط.
من جهةٍ أخرى، لا يزال سوق العمل يتقدم بخطى ثابتة نحو المزيد من نمو الوظائف ونمو الأجور، وهو ما يزيد من احتمالات مواجهة الاقتصاد الأمريكي ضغوطًا تضخمية أكبر في الفترة المقبلة، وهو ما يحول دون المضي قدمًا في خفض الفائدة.
التعريفة الجمركية
تحتل التعريفة الجمركية صدارة المشهد الحالي على صعيد السياسات التجارية لإدارة ترامب، وهي السياسات التي أقل ما يُقال عنها إنها “سياسات تضخمية”. لذا يتوقع أن يتناول بيان الفائدة أو حديث جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أو كلاهما معًا إشارة إلى تلك السياسات وما يمكن أن تؤدي إليه من زيادة في الضغوط التضخمية.
وكانت أحدث تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين الماضي عندما أكد في تصريحات صدرت في هذا الشأن على رغبته في أن تتوسع الولايات المتحدة في التعريفة الجمركية التي تُفرض على الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة من جميع أنحاء العالم “من الصلب والنحاس إلى أشباه الموصلات”.
وقال ترامب أيضًا إنه يدرس “زيادة التعريفة الجمركية العامة إلى مستويات أعلى من 2.5%”، وهو ما يشير إلى رفع التعريفة الجمركية التي تغطي جميع الواردات الأمريكية. ويلقي ذلك الضوء على أن الرئيس الأمريكي قد يبدأ قريبًا في إعادة هيكلة السياسات التجارية للولايات المتحدة.
ونرجح أن اللغة المستخدمة في صياغة قرار الفائدة للفيدرالي، لا القرار نفسه، هي التي من شأنها أن تحدد ردود أفعال أسواق المال الأربعاء. فإذا تبنى الفيدرالي ورئيسه لغة أكثر ميلًا إلى خفض الفائدة، فمن المتوقع أن يكون أثر قرار وبيان الفيدرالي وتصريحات رئيسه على الأسواق محدودة.