بعث الفيدرالي ورئيسه جيروم باول عدة رسائل إلى المستثمرين في أسواق المال والمراقبين للاقتصاد الأمريكي والعالمي في إطار بيان الفائدة الصادر عن البنك المركزي والتصريحات التي أدلى بها باول في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرار خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، وهو الخفض الثاني للفائدة في أربع سنوات بعد أن وصلت إلى مستويات مرتفعة قياسية.
وخفض الفيدرالي الفائدة بـ25 نقطة أساس في نهاية اجتماع نوفمبر الجاري الخميس في اليوم التالي لظهور نتائج أولية للانتخابات الأمريكية التي أشارت إلى فوز الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وهو الفوز الذي قد يكون بداية لجولة جديدة من هجمات ترامب على سياسات الفيدرالي كما كان يفعل في فترة ولايته.
بذلك قد يكون المعدل الرئيسي الجديد للفائدة الفيدرالي هو 4.5٪ على الإيداعات و 4.75٪ على الإقراض، مما يشير إلى الخفض الثاني للفائدة في أربع سنوات بعد الخفض الذي جاء أكبر حجمًا في سبتمبر الماضي بواقع 50 نقطة أساس.
وكانت الرسالة الأولى التي بعث بها الفيدرالي إلى الأسواق هي أن قرار الخفض جاء بإجماع أعضاء اللحنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على العكس مما حدث في التصويت على قرار الخفض الأول في اجتماع سبتمبر الماضي، إذ صوت أحد الأعضاء ضد القرار، وهو ما حدث للمرة الأولى منذ 2005.
وكان في إجماع الأعضاء على القرار إشارة إلى أن البنك المركزي في طريقه إلى المزيد من الخفض بعد أن أصبح على قناعة بأن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة أصبحت مواتية للعمل بسياسة التيسير الكمي.
كما يُعد حجم خفض الفائدة رسالة إلى الأسواق في حد ذاته، إذ يريد الفيدرالي أن يشير إلى أنه بعد البداية القوية للدورة الحالية من التيسير الكمي في سبتمبر الماضي – خفض الفائدة بـ50 نقطة أساس – قد يستمر في خفض الفائدة، لكن بوتيرة أبطأ من ذي قبل.
“المزيد من الثقة”
قال بيان الفائدة الصادر عن الفيدرالي: “بدأت المخاطر التي تحيط بتحقيق أهداف التضخم والتوظيف تتوازن بالكاد في الفترة الأخيرة”، وهو ما يأتي باختلاف مقارنة بالبيان الصادر عقب الاجتماع الماضي التي تضمنت عبارة “ثقة أكبر” عند الحديث عن توازن هذه المخاطر.
لكن الأسواق لم تكد تستوعب تلك الرسالة وتبدأ تفسيرها على أنها إشارة إلى تزعزع ثقة البنك المركزي في قوة الاقتصاد، باغت جيروم باول الأسواق بتأكيده أن حذف عبارة “ثقة أكبر” لا يحمل أي إشارات ضمنية لأي شيء. بذلك وصلت إلى الأسواق رسالة عكسية تؤكد ثقة البنك المركزي في الأوضاع الاقتصادية.
وأكد أن القانون لا يسمح لأي جهة بإقالته من منصبه قبل انتهاء هذه الفترة. وكانت إجابة باول على سؤال أثناء لمؤتمر الصحفي عما سيكون رده إذا طلب منه الرئيس الجديد ذلك ببساسة هي “لا”.
وأضاف رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق لمفتوحة أنه “على المدى القريب، لن يكون للانتخابات أثر على قرارات السياسة النقدية. كما أننا لا نخمن، ولا نتكهن، ولا نفترض فيما يتعلق بالسياسة المالية”. وكانت هذه هي الرسالة الرابعة التي استقبلتها الأسواق من الفيدرالي ورئيسه.
وبرر صناع السياسات البدء في هذه الدورة من التيسير الكمي بأنهم يستهدفون تعزيز أوضاع سوق العمل وزيادة نمو الوظائف في البلاد، وهو ما رأوا أنه “أولوية من أولويات البنك المركزي تمامًا مثل كبح جماح التضخم”، وفقا لبيان الفائدة.
وأظهر البيان صورة تعكس حالة من الضعف في أوضاع سوق العمل الأمريكي عندما قال: “تراجعت الأوضاع بصفة عامة، وارتفع معدل البطالة لكنه لا يزال منخفضًا مع استمرار الاقتصاد في النمو بخطى ثابتة”.
وقال رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الخميس، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان خفض الفائدة للمرة الثانية في أربع سنوات: “شاهدنا الارتفاع الكبير في عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى مستويات تختلف تمامًا عن مستويات العام الماضي، وسوف ننتظر لمعرفة أين يمكن أن تستقر”.
وأضاف: “قرأنا جميعًا تحليلات لأسباب ارتفاع عائدات السندات، ونرجح أن الأمر يتعلق بمخاطر هبوط أقل ونمو أفضل”.