قد تكون نتائج الانتخابات الرئاسة الأمريكية هي محور اهتمام أسواق المال العالمية، لكن المستثمرين والمراقبين للاقتصاد العالمي لديهم تطورات لا تقل أهمية عن تلك النتائج، إذ يترقبون قرار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تأني وسط توقعات على نطاق واسع بأن يخفض البنك المركزي الفائدة بـ25 نقطة أساس.
وتصاعدت توقعات خفض الفائدة إلى 99.1٪، والتي شير إلى إمكانية أن تخفض اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الفائدة بـ 0.25% في نهاية اجتماعها الخميس، وفقًا لمؤشر FedWatch الذي يصدر عن بورصة شيكاجو التجارية والذي يتوقع تحركات أسعار الفائدة بناءً على بيانات تداول العقود الآجلة للأموال الفيدرالية.
بذلك قد يكون المعدل الرئيسي الجديد للفائدة الفيدرالي هو 4.5٪ على الإيداعات و 4.75٪ على الإقراض، مما يشير إلى الخفض الثاني للفائدة في أربع سنوات بعد الخفض الذي جاء أكبر حجمًا في سبتمبر الماضي بواقع 50 نقطة أساس.
وأشار مسؤولون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في خطاباتهم، التي أدلوا بها في الفترة المخصصة لذلك قبل الاجتماع والتي انتهت في 26 أكتوبر الماضي، إلى ضرورة إجراء خفض تدريجي للفائدة على مدار الأشهر القليلة المقبلة وسط ظهور بيانات اقتصادية هامة من الصعب أن تغير وجهة النظر السائدة في أروقة الفيدرالي في الفترة الأخيرة.
يأتي ذلك بعد أن البداية القوية التي أطلق بها الفيدرالي دورة التيسير الكمي الحالية – خفض الفائدة بـ50 نقطة أساس في اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي في سبتمبر الماضي – بعد أن أبقى عليها عند أعلى مستوى لها منذ حوالي 22 سنة لكبح التضخم. ويستهدف البنك المركزي من هذا الإجراء وقرارات الخفض المحتملة تقليل تكلفة الاقتراض بعد أن كانت مرتفعة من أجل الإبطاء من وتيرة والإنفاق من أجل السيطرة على التضخم. مع ذلك، بعد أن عاد التضخم إلى مستويات قريبة من هدف الفيدرالي المحدد بـ 2٪، بدأ صناع السياسة السير في الاتجاه المعاكس من تحفيز الاقتصاد من خلال تشجيع الإنفاق.
ويُعد توافر بيئة اقتصادية منخفضة تكلفة الاقتراض من أهم المحفزات التي يحتاج إليها الاقتصاد الأمريكي بعد سنوات من تبني البنك المركزي معدلات مرتفعة قياسية، إذ يساعد انخفاض تكلفة الاقتراض الشركات على الحصول على الأموال السهلة لتحقيق النمو المالي الذي يزيد من جاذبية أسهمها للمستثمرين في الأسواق فترتفع الأسهم وغيرها من أصول المخاطرة ذات الصلة.
كما يستهدف البنك المركزي أيضًا من خفض الفائدة الحد من ارتفاع معدل البطالة إلى مستويات نثير القلق، إذ تشير أغلب التوقعات – التي جاءت على لسان عدد من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة – في الفترة الأخيرة إلى أن هناك نية للخفض التدريجي بـ25 نقطة أساس في اجتماعي نوفمبر الجاري وديسمبر المقبل أيضًا.
التضخم سيظل منخفضًا
من أهم العوامل التي نجحت في الفترة الأخيرة في إزالة انعدام اليقين الذي يغلف المشهد فيما يتعلق بالمسار المستقبلي للفائدة هو أن البيانات الاقتصادية الصادرة منذ الاجتماع الماضي للفيدرالي، خاصة بيانات التضخم لا تزال ترجح كفة خفض الفائدة عقب تأكيدها على أن تضخم أسعار المستهلكين والمنتجين في الولايات المتحدة يظهر ارتفاعًا أقل مع ظهور كل قراءة شهرية وسنوية جديدة.
كما أظهرت الدفعات الأخيرة من بيانات التوظيف الأمريكية أن الشركات باتت أقل إلغاء للوظائف في أكتوبر الماضي، وهو الأمر الذي قد يجنب الاقتصاد الأمريكي الركود، مما يحقق سيناريو الهبوط المرن الذي يستهدف الفيدرالي تحويله إلى حقيقة.
كما تنتظر الأسواق تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، التي من المنتظر أن يدلي بها في مؤتمر صحفي عقب إعلان قرار الفائدة، إذ غالبًا ما ينتظر المستثمرون والمراقبون إشارات إلى المسار المستقبلي للفائدة من قبل رأس السلطات النقدية في الولايات المتحدة.
انتخابات الرئاسة الأمريكية
وأعلن دونالد ترامب فوزه بنفسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 وهزيمة منافسته كامالا هاريس، وذلك بعد حسمه السباق الرئاسي في عدد من الولايات المتأرجحة. لكن لم يعلن أي مصدر آخر سوى حملة ترامب هذا الفوز.
وتمكن الجمهوريون من الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكي بعد أن سحب البساط من تحت أقدام الديمقراطيين والاستيلاء على أغلب المقاعد التي كانوا يسيطرون عليها في فرجينيا الغربية وأوهايو.
ولم يحقق أي من الحزبين تقدما واضحا في المعركة للسيطرة على مجلس النواب حيث يتمتع الجمهوريون في الوقت الراهن بأغلبية ضئيلة، وهو ما يبقي المجلس التشريعي معلقًا بعد فشل كلا الحزبين في تحقيق الأغلبية.
ولا يتوقع أن يكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية أي تأثير على قرار الفيدرالي الخميس، إذ يأتي القرار بعد حوايل 24 ساعة من إعلان فوز الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات. لكن الاجتماعات المقبلة قد تتأثر بأي إشارة إلى تغيير في السياسات الاقتصادية الأمريكية.