ارتفعت الأسعار العالمية للذهب بعد قرار الفيدرالي رفع الفائدة بـ 75 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، مما يشير إلى أسرع وتيرة لرفع الفائدة الفيدرالية منذ تسعينيات القرن العشرين.
وارتفعت العقود الآجلة للذهب 1734 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1716 دولار للأونصة. وبلغت عقود الذهب أدنى المستويات في يوم التداول الأربعاء عند 1711 مقابل أعلى المستويات الذي سجل 1740 دولار.
وكان السر وراء ارتفاع المعدن النفيس هو الأثر السلبي الذي تلقاه الدولار الأمريكي من تفاصيل قرارات الفيدرالي تصريحات جيروم باول رئيس مجلس محافظي البنك المركزي.
فرغم رفع الفائدة بأسرع وتيرة في عشرات السنوات ورفعها بـ 75 نقطة للمرة الثانية على التوالي لتصل إلى مستويات ما قبل الجائحة، استخدم بيان الفائدة الصادر عن البنك المركزي لغة حذرة في الحديث عن التحركات المستقبلية على صعيد رفع الفائدة.
وأشار بيان الفائدة ومن بعده باول إلى أن رفع الفائدة في الفترة المقبلة سوف يعتمد بصفة أساسية على ما يصدر من بيانات في الفترة المقبلة، وأن الفيدرالي سوف يقيم الأوضاع الاقتصادية السائدة قبل اتخاذ قرار رفع الفائدة في الفترة التي تسبق كل اجتماع من اجتماعات لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على حدة.
بذلك ترك الفيدرالي الباب مفتوحا أمام تكهنات بالتوقف عن رفع الفائدة أو خفضها بوتيرة أبطأ حال ظهور بيانات تشير إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة أظهر تباطؤ إلى حدٍ يفوق ما خطط له البنك المركزي.
بيان الفائدة
قال بنك الاحتياطي الفيدرالي في بيان الفائدة الصادر الأربعاء إن مؤشرات الإنفاق والإنتاج التي ظهرت في الفترة الأخيرة تدهورا في أوضاع قطاعات عدة، “لكن نمو الوظائف لا يزال قويا في الفترة الأخيرة مع بقاء معدل البطالة منخفضا”.
وأضاف: “لا يزال التضخم مرتفعا، مما يعكس استمرار اضطرابات التوازن بين العرض والطلب ذات الصلة بالوباء. كما تستمر أسعار الغذاء والطاقة في الارتفاع علاوة على امتداد الضغوط التضخمية إلى قطاعات عديدة”.
وأشار بيان الفيدرالي إلى أن “الحرب الروسية في أوكرانيا أسفرت عن صعوبات إنسانية واقتصادية. وتشكل الحرب والأحداث ذات الصلة بها المزيد من الضغوط التضخمية علاوة على الآثار السلبية التي تخلفها على نشاط الاقتصاد العالمي”.
وأكد أن “اللجنة (لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة) تسعى إلى تحقيق الحد الأقصى من التوظيف والوصول بمعدل التضخم إلى 2.00% على المدى الطويل. وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف، قررت اللجنة رفع الفائدة إلى منطقة 2.25% – 2.5%، وتتوقع أن المزيد من رفع المعدلات قد يكون مناسبا” في الفترة المقبلة”.
وقالت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إنها سوف تستمر في “تقليص ممتلكاتها من سندات الخزانة الأمريكية والسندات المدعومة عقاريا وفقا لما هو موضح في خطة ضبط كشوف موازنة الفيدرالي التي تم التوصل إليها في مايو الماضي”.
كما أعلن الفيدرالي التزامه الشديد بإعادة التضخم إلى هدف البنك المركزي المحدد بـ 2.00%.
رفع الفيدرالي الفائدة بواقع 75 نقطة أساس لتصل إلى 2.5% مقابل المعدل السابق الذي سجل 1.75%، هو ما جاء وفقا لتوقعات السوق.
ويختلف رفع الفائدة من جانب الفيدرالي عن القرارات السابقة في أنه يعيد الفائدة الفيدرالية إلى مستوى فترة ما قبل الأزمة التي تصاعدت بسبب فيروس كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا.
كما يأتي القرار في إطار مساعي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض معدل التضخم في الولايات المتحدة بعد أن سجل أعلى المستويات منذ عام 1981.
ويشير تحرك الفائدة الفيدرالية في يونيو الماضي ويوليو الجاري إلى الوتيرة الأسرع لرفع الفائدة، التي وصلت إلى منطقة 2.25% – 2.5%، على الإطلاق منذ بدء الفيدرالي العمل بمعدل الفائدة لليلة الواحدة في تسعينيات القرن العشرين.
وتأتي قرارات الفيدرالي وسط توقعات بأن يرفع البنك المركزي الفائدة بـ 75 نقطة أساس إلى نطاق (2.025% – 2.5%)، وهي المستويات التي كانت الفائدة الفيدرالية قد وصلت إليها قبل بداية الأزمة الحالية.
جيروم باول
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، عقب إعلان رفع الفائدة بواقع 75 نقطة وصولا إلى مستويات ما قبل الجائحة عند 2.5%، “لا يزال التضخم مرتفعا للغاية وسط ظهور إشارات إلى أن شركات الاستثمارات الثابتة سجلت أداء سلبيا في الربع الثاني من العام الجاري”.
وأضاف أن “أوضاع سوق العمل لا تزال إيجابية للغاية، من بينها نمو كبير حققته الأجور في الفترة الأخيرة بينما تمتد الضغوط التضخمية إلى قطاعات اقتصادية كثيرة”.
وتابع: “رغم تراجع أسعار بعض السلع، لا يزال الارتفاع الذي شهدته الأسعار في وقت سابق يدفع بالأسعار والضغوط التضخمية إلى أعلى، وهو ما يجعلنا يقظين لمخاطر التضخم”، مرجحا أن هناك المزيد من الارتفاع في معدلات التضخم في الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن “وتيرة رفع الفائدة سوف تظل تعتمد في استمرارها على البيانات التي يتوالى ظهورها في الفترة المقبلة والتطورات التي تشهدها النظرة المستقبلية للاقتصاد”.
وقال إن “رفع الفائدة بقدر أكبر قد يكون مناسبا، لكن ذلك يعتمد على البيانات التي تظهر بين الحين والآخر”، موضحا أن التضخم فاجأ الجميع بارتفاع حاد في العام الماضي، وهو ما ينبغي أن يدفع الفيدرالي إلى توخي الحذر قبل اتخاذ أي خطوة على صعيد السياسة النقدية.
وأضاف: “نريد أن نرى تراجعا في معدل الطلب لفترة طويلة بعض الشيء، وسوف نراقب مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي وأسعار المستهلك الذي يُعد أفضل مؤشرات التضخم”، مؤكدا على ضرورة خفض معدل التضخم.
وقال جيروم باول: “سوف نأخذ قرارات السياسة النقدية وفقا للمستجدات التي تطرأ على المشهد في كل اجتماع على حدة”.
وأضاف: “سوف نتسائل عما إذا ’كنا نرى التباطؤ الذي نصبو إليه في أداء الاقتصاد قد تحقق أم لا؟‘ ونعتقد أن لدينا بعض الأدلة الآن”.
وتابع: “سوف نستمر في مراقبة قراءات التضخم العامة والقراءات التي تستثني أسعار الغذاء والطاقة لنرى ما يمكننا قوله عن النظرة المستقبلية للاقتصاد”.
وأشار إلى أن السياسة النقدية في الوقت الراهن تحتاج إلى معدلات فائدة مقيدة على الأقل، مرجحا أنه “حان الوقت لاتخاذ القرارات وفقا لما تمليه التطورات التي تظهر في المشهد قبل كل اجتماع على حدة، وألا يتحدث الفيدرالي عن توجهاته المستقبلية بوضوح في الفترة المقبلة”.
وقال إن معدل الفائدة الذي يتراوح من 3.00% و3.5% يمثل المستويات المقيدة، وفقا لملخص التقديرات الاقتصادية الصادر عن الفيدرالي.
وأضاف: “كانت بيانات التضخم الصادرة في الفترة الأخيرة أسوأ مما توقعنا، وسوف يكون لدينا المزيد من بيانات التضخم بحلول سبتمبر المقبل”.
وتابع: “وسوف نسأل أنفسنا ’هل نحن واثقون من أن التضخم يتخذ المسار الصحيح نحو الهبوط إلى 2.00%؟‘”.
وأشار إلى أنه من “الضروري أن نمر بفترة من تباطؤ النمو، وسوف يكون لدينا بعض التباطؤ”، متوقعا أن بعض التراجع في أوضاع ثقة العمل في الولايات المتحدة.
وقال باول: “لا نعتقد أننا نحتاج إلى الدخول في حالة من الركود، لكن المسار نحو خفض التضخم أصبح أقل اتساعا في الوقت الراهن”، مستبعدا أن تكون الولايات المتحدة قد تكون بالفعل في حالة ركود في الفترة الأخيرة.