نور تريندز / التقارير الاقتصادية / كيف تؤثر الفائدة الفيدرالية على تعاملات الأسهم والعملات المشفرة؟
العملات المشفرة
كيف تؤثر الفائدة الفيدرالية على تعاملات الأسهم والعملات المشفرة؟

كيف تؤثر الفائدة الفيدرالية على تعاملات الأسهم والعملات المشفرة؟

شهدت الأسواق خلال الأعوام الماضية انعكاسات واضحة لارتفاع أسعار الفائدة، حيث تأثرت الأسهم والعملات الرقمية والسلع مثل النفط بشكل مباشر بما شهدته المعدلات من تغيرات.

لكن مع اتجاه الاحتياطي بنك الاحتياطي الفيدرالي في الفترة الأخيرة إلى خفض الفائدة، وهو ما أثار تساؤلات حول الآثار التي من الممكن أن يحدثها ذلك على الأسواق في المرحلة المقبلة، ومدى استمرار تأثير هذا التحول على الأسواق.

وخفض الفيدرالي الفائدة في اجتماعيه الأخيرين، إذ قرر في 29 أكتوبر الماضي تقليصها بمقدار 25 نقطة أساس لتستقر في نطاق 3.75% – 4.00%.

وفي النصف الثاني من عام 2024، خفّض الفيدرالي الفائدة ثلاث مرات، ثم أبقاها مستقرة خلال معظم عام 2025، مراقبًا عن كثب تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب، إلى جانب التضخم وارتفاع معدلات البطالة. واليوم، يبدو أن المزيد من التخفيضات قد تكون في الطريق، بما يعزز الاقتصاد الأمريكي.

كيف تؤثر أسعار الفائدة على الاستثمارات؟

تُعد أسعار الفائدة من أهم أدوات الفيدرالي للتأثير على النشاط الاقتصادي. فعندما تُخفض الفائدة، يصبح الاقتراض أقل تكلفة، ما يحفّز النمو ويزيد من حركة الأموال داخل الاقتصاد.

أما رفع الفائدة فيؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي عبر جعل التمويل أكثر تكلفة، وهو وسيلة فعالة لكبح التضخم.

عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، فإنه يحفّز النشاط الاقتصادي عبر جعل الاقتراض أقل تكلفة. وعلى العكس، فإن رفع الفائدة يؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي من خلال زيادة تكلفة التمويل، وهو أداة فعّالة لمكافحة التضخم.

وخلال دورة التشديد الكمي الأخيرة، رفع الفيدرالي الفائدة 11 مرة، وكان من السهل ملاحظة اللحظة التي أدركت فيها الأسواق جدية البنك المركزي في إعادة ضبط سياسته النقدية.

ففي نوفمبر 2021 بلغت العملات الرقمية وكثير من الأسهم عالية المخاطر ذروتها، قبل أن تبدأ بالتراجع في 2022 مع تطبيق سياسات نقدية أكثر تقييدًا.

ومع ارتفاع الفائدة، تراجعت كثير من الأسهم تحسبًا لظروف اقتصادية أضعف. لكن مع وضوح نهاية دورة الرفع في 2023، تحسنت النظرة المستقبلية للأسواق.

وأمضت المؤشرات الكبرى في وول ستريت مثل ستاندردز آند بورس500  معظم عام 2022 في حالة ضعف، لكنها حققت أداءً قويًا في 2023 بارتفاع يقارب 24%، بينما قفز مؤشر ناسداك بنحو 43%.

واستمر الزخم في 2024، لتسجل المؤشرات مستويات قياسية جديدة في 2025 بعد التعافي من أزمة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في أبريل.

ورغم هذا التحسن، فإن العديد من أسهم النمو واجهت صعوبات في 2022، وما زالت أسعارها بعيدة عن مستوياتها التاريخية السابقة.

الفائدة والعملات

في عام 2022، واجهت أسعار العملات الرقمية صعوبات مع توقعات استمرار رفع الفائدة، لكنها بلغت القاع مع توقف دورة الرفع، لتعود إلى الصعود في 2023 وتواصل مكاسبها في 2024.

وساعد إطلاق صناديق استثمار متداولة بالعقود الفورية للعملات المشفرة على تعزيز صعودها، كما دفعت توقعات خفض الفائدة وتدفقات هذه الصناديق أسعار الإيثريوم إلى مستويات أعلى.

ورغم أن الفيدرالي خفّض الفائدة قصيرة الأجل في أواخر 2024، فإن العائدات طويلة الأجل ارتفعت بشكل ملحوظ، قبل أن تبدأ في التراجع بحلول أكتوبر 2025، حيث انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.02%، وهو من أدنى مستوياته خلال عام.

ومع توقع الحكومة الفيدرالية عجزًا أكبر في الموازنة نتيجة خطط ترامب الضريبية، طالب المستثمرون بعوائد أعلى لحماية أنفسهم من التضخم.

لكن تباطؤ الاقتصاد مؤخرًا خفّض هذه التوقعات، لينعكس ذلك في تراجع العوائد طويلة الأجل.

الفائدة والذهب

لطالما كان الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات التقلبات، وقد حقق أداءً قويًا في عام 2024، لكن عام 2025 جاء بنتائج متباينة للمعدن الأصفر.

في المقابل، كثيرًا ما جرى الترويج للعملات الرقمية باعتبارها الحل لكل الأزمات، سواء كانت تضخمًا، أو انخفاضًا في أسعار الفائدة، أو تراجع القدرة الشرائية، أو حتى تدهور قيمة الدولار.

كما لعبت عوامل أخرى دورًا في صعود العملات الرقمية، أبرزها الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة بالعقود الفورية للبيتكوين، والتي جذبت تدفقات مالية كبيرة، إضافة إلى انتخاب ترامب الذي يُنظر إليه باعتباره داعمًا لقطاع العملات الرقمية، ما عزز رهانات المستثمرين على ارتفاع الأسعار.

أما السلع، فقد ابتعدت عن مستوياتها المرتفعة السابقة، مع تراجع قيود العرض وارتفاع الفائدة. لكن توقعات خفض الفائدة ساعدت النفط على البقاء فوق مستوى 70 دولارًا للبرميل في 2023 و2024، قبل أن يتراجع في 2025 إلى ما دون 60 دولارًا وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد.

كيف تؤثر أسعار الفائدة على استراتيجيات الاستثمار؟

تشكل أسعار الفائدة، والتضخم، وحالة انعدام اليقين مزيجًا معقدًا من التقلبات أمام المستثمرين. وفي مثل هذه البيئة، يُنصح المستثمرون بالتحرك بحذر، مع التركيز على الخطط طويلة الأجل، سواء عبر الاستثمار المنتظم في محافظ متنوعة أو عبر صناديق المؤشرات، وتجنب الانجراف وراء تقلبات السوق اللحظية.

الاستثمار في ظل تقلبات الأسواق وأسعار الفائدة

مع تزايد التقلبات، قد يفضل المستثمرون التحرك بحذر. لكن أفضل نهج لمعظمهم هو الالتزام بالخطة طويلة الأجل. بالنسبة للكثيرين، تعني هذه الخطة الاستمرار في الاستثمار المنتظم ضمن محفظة متنوعة من الأسهم أو السندات، مع تجاهل الضجيج والأحداث العابرة حول العالم.

وبالنسبة لآخرين، قد تتمثل الاستراتيجية في شراء والاحتفاظ بصناديق المؤشرات المتنوعة. في كل الأحوال، يجب ألا تتحكم العواطف في القرارات الاستثمارية، لأن الانضباط هو أساس النجاح على المدى الطويل.

أما المتعاملون قصيرو الأجل، فقد يقلقون من تحركات أسعار الفائدة، لكن من المهم النظر إلى الصورة الكاملة. وغالبًا ما تكون فترات التراجع فرصة جذابة لزيادة الاستثمارات بأسعار منخفضة.

وكما قال أسطورة الاستثمار وارن بافيت: “تدفع ثمنًا باهظًا في السوق عندما يسود الإجماع المتفائل”، أي أن الأسهم تكون أرخص عندما يقل عدد من يعتقدون أنها فرصة جيدة.

تحقق أيضا

دفعة مزدوجة من الفيدرالي: ويليامز ووالر يعيدان إحياء آمال خفض الفائدة ويشعلان انتعاش الأسواق

في أسبوع حاسم للأسواق العالمية، أطلق اثنان من أقوى الأصوات داخل الاحتياطي الفيدرالي رصاصة الرحمة …