نور تريندز / التقارير الاقتصادية / الروبل الروسي من أفضل العملات أداء مقابل الدولار، فهل هذا آمن؟
الروبل الروسي من أفضل العملات أداء مقابل الدولار، فهل هذا آمن؟

الروبل الروسي من أفضل العملات أداء مقابل الدولار، فهل هذا آمن؟

شهد الروبل الروسي ارتفاعًا قياسيًا جعله العملة الأفضل أداءً عالميًا مقابل الدولار الأمريكي في عام 2025، لكن هذا الصعود الكبير يثير مخاوف حيال أخطار جديدة قد يواجهها الاقتصاد الروسي في الفترة المقبلة.

فهذا الارتفاع يشكل ضغطًا على عائدات الدولة ويضعف القدرة التنافسية للمصدرين، رغم أنه يساعد في مكافحة التضخم. فكلما ارتفعت قيمة العملة، كلما ارتفعت تكلفة الاستيراد من الدولة التي تصدرها، مما يعمل على تآكل الإيرادات الدولارية التي تحتاجها روسيا لتوفير احتياجاتها من الخارج.

وسجل الروبل الروسي في عام 2025 أداءً غير مسبوق، إذ ارتفع بنسبة 45% منذ بداية العام، ليتداول قرب مستوى 78 روبل للدولار، وهو مستوى يقترب مما كان عليه قبل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل نحو أربع سنوات في فبراير 2022.

وجعل هذا الارتفاع الروبل يتصدر قائمة العملات العالمية التي حققت مكاسب على حساب الدولار الأمريكي، إذ كانت أقوى مكاسب سنوية للعملة الروسية منذ عام 1994.

وأدى انخفض الطلب على العملات الأجنبية في روسيا، نتيجة العقوبات الدولية، إلى توفر معروض كبير من الدولار الأمريكي في الأسواق، ومن ثم تراجعت قيمة العملة الأمريكية وغيرها من العملات الرئيسية مقابل العملة الروسية.

الفائدة المرتفعة

كما استفادت العملة من السياسة النقدية التشديدية التي اتبعها البنك المركزي الروسي، إذ أبقى سعر الفائدة عند مستويات قياسية منذ أكتوبر 2024 حتى يونيو 2025، قبل أن يخفضها تدريجيًا بمقدار خمس نقاط مئوية إلى 16.00%.

وساعد بيع العملات الأجنبية من قبل وزارة المالية والبنك المركزي في روسيا على ارتفاع الروبل الروسي، إذ استخدمت الاحتياطيات النقدية من اليوان والذهب في “صندوق الرفاه الوطني” لتعويض تراجع عائدات الطاقة.

رغم أن قوة الروبل تساعد في مكافحة التضخم، إلا أن لها آثارًا سلبية واضحة تتضمن الضغط على الموازنة العامة، خاصةً في ظل تراجع عائدات النفط والغاز بنسبة 22.00% في أول 11 شهرًا من العام، مما يقلل من قدرة الدولة على تمويل الإنفاق.

كما تضر العملة المرتفعة بتنافسية المصدرين الروسيين. ف عندما يتم تحويل الإيرادات الدولارية إلى روبل قوي، تتقلص الأرباح المحلية، مما يضعف جاذبية الاستثمار.

وقد تقع روسيا في هوة ركود تضخمي وسط استمرار قوة الروبل وارتفاع تكلفة الاقتراض، قد يتباطأ النمو الاقتصادي بشكل حاد، إذ يتوقع البنك المركزي أن يتراجع معدل النمو إلى نطاق 0.5% – 1.00% هذا العام مقارنة بـ 4.3% في العام الماضي.

فرص ومخاطر ارتفاع العملة

من دون شك، قد يترك الارتفاع الهائل للروبل الروسي أثرًا إيجابيًا على الاقتصاد في شكل انخفاض للتضخم، لكن هذا الأثر يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ نسبيًا حتى يتحقق على أرض الواقع.

مع ذلك، لابد من الحذر أثناء التعامل مع قوة العملة المحلية، إذ أن استمرار ارتفاعها قد يتحول إلى تهديد لأنه قد يؤدي إلى أن تفقد روسيا مزاياها الطبيعية كمركز عالمي لمنتجات الطاقة. فكلما ارتفع العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، ارتفعت أسعار النفط والغاز الروسييْن، مما يقلل من قدرتها على المنافسة عالميًا.

وتعتمد روسيا على الإيرادات النفطية لتوفير أغلب احتياجاتها التمويلية، مما قد يجعل ارتفاع قيمة العملة المحلية ينطوي على الكثير من المتاعب للنظام المالي الروسي. لذا فإن ضعف الروبل سيكون مفيدًا ليس فقط للمصدرين والموازنة، بل “للاقتصاد بأكمله”.

المقارنة العالمية

أشارت بيانات شبكة بلومبرج الاقتصادية إلى أن الروبل ضمن أفضل خمسة أصول عالمية أداءً في 2025 من حيث العائد الفوري، إلى جانب البلاتين، والفضة والبلاديوم والذهب.

وقد يكون ذلك مبررًا يمكن الاستناد إليه في إلقاء الضوء على المفارقة بين قوته في أسواق المال وبين الضغوط التي يفرضها على الاقتصاد المحلي.

التوازن بين الفوائد والمخاطر

وبين الفوائد التي قد تتحصل حال استمرار ارتفاع الروبل الروسي والأضرار التي قد تترتب على ذلك، لابد من أن يكون هناك قدر كبير من التوازن أثناء التعامل مع هذه الفوائد وتلك المخاطر.

ومن أهم فوائد ارتفاع العملة الروسية؛ السيطرة على التضخم، وتعزيز الثقة في العملة المحلية، وتقليل الاعتماد على الدولار واليورو.

في المقابل، تتضمن مخاطر ارتفاعات العملة تراجع الإيرادات الحكومية، وضعف تنافسية الصادرات، واحتمال دخول الاقتصاد في مرحلة ركود تضخمي، وتراجع جاذبية الاستثمار الأجنبي.

السيناريوهات المستقبلية

إذا استمر الروبل في قوته الحالية، قد تواجه روسيا صعوبة في الحفاظ على نمو اقتصادي مستدام، خاصة مع استمرار العقوبات الغربية وضعف أسعار النفط. في المقابل، أي تراجع في قيمة الروبل قد يمنح دفعة للمصدرين والميزانية، لكنه قد يعيد الضغوط التضخمية.

تحقق أيضا

نور كابيتال – التحليل الفني الأسبوعي – شاشة سي ان بي سي عربية – 22 ديسمبر 2025