تتزايد المخاوف في وول ستريت بشأن احتمال مواجهة الأسواق فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي وسط الارتفاع الكبير في القيمة السوقية للشركات وتزايد حماس المستثمرين إلى مستويات غير مسبوقة لضخ المزيد من رؤوس الأموال في هذه التكنولوجيا.
وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُتوقع أن يُحدث تحولًا جذريًا في العديد من الصناعات على المدى الطويل، إلا أن وتيرة الاستثمارات الحالية تثير القلق، إذ يرى البعض أنها قد لا تكون مستدامة، مما قد يؤدي إلى تكرار فقاعات سابقة في قطاع التكنولوجيا.
استجابةً لهذه المخاوف، بدأ خبراء ماليون في التوصية باستراتيجيات استثمارية شديدة الأمان، خاصة للمستثمرين الأكبر سنًا الذين يبحثون عن الاستقرار.
وتشمل هذه الاستراتيجيات الاستثمار في الأسهم الممتازة التي توزع أرباحًا منتظمة، والسندات الحكومية، وصناديق المؤشرات الدفاعية، وصناديق الاستثمار العقاري المدرة للدخل.
وتهدف جميع هذه الأدوات إلى الحفاظ على رأس المال وتوفير عائدات معتدلة، على عكس قطاع الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على تحقيق أرباح سريعة ونمو متسارع.
وصُممت هذه الخيارات لتوفير الحماية للمحافظ الاستثمارية من التقلبات، مع الإبقاء على فرصة المشاركة في نمو السوق.
ومع استمرار حالة انعدام اليقين بشأن الزيادة الكبير في القيمة السوقية للشركات في قطاع الذكاء الاصطناعي والظروف الاقتصادية العامة، يتجه العديد من المستثمرين من جيل “البومرز” نحو الأصول الآمنة لحماية مدخراتهم، خاصةً في تلك المودعة في صناديق التقاعد.
وتُعد هذه المخاوف من أبرز العوامل التي أسهمت في تراجع معنويات الأسواق خلال الأسبوع الماضي.
وتشهد وول ستريت في الآونة الأخيرة حالة من القلق المتزايد بشأن قطاع الذكاء الاصطناعي، الذي يشهد نموًا هائلًا وتدفقات استثمارية ضخمة.
وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة تقنية ستغير وجه الصناعات في المستقبل، يحذر آخرون من أن هذا النمو السريع قد يكون غير مستدام، مما يثير مخاوف من تشكّل فقاعة مالية مشابهة لما حدث في فقاعة الإنترنت في أوائل الألفية.
بدائل أكثر أمانًا
فمعظم الشركات الناشئة في هذا القطاع لم تثبت بعد قدرتها على تحقيق أرباح مستدامة، ورغم ذلك، فإن أسعار أسهمها ترتفع بوتيرة غير مسبوقة.
هذا التناقض بين الواقع المالي والتقييمات السوقية يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة انتهت بانهيارات مؤلمة للمستثمرين.
وتوصل المستثمرون إلى بدائل تحقق لهم عائدات معتدلة من خلال ضخ رؤوس أموال في أصول آمنة بدلًا من ضخها في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي أملًا في الزيادة الهائلة السريعة في قيمة هذه الأسهم.
وفي مقدمة الخيارات الاستثمارية البديلة لأسهم هذا القطاع الناشئ الأسهم الممتازة التي توزع الشركات المالكة لها مخصصات أرباح.
ويتمثل الخيار الثاني في السندات الحكومية التي تُعد من أكثر أدوات الاستثمار أمانًا، إذ تضمن الحكومة سداد أصل الدين والفوائد. وفي أوقات عدم اليقين، يلجأ المستثمرون إلى هذه السندات كملاذ آمن.
وتظهر أيضًا في مكان بارز بين هذه البدائل صناديق الاستثمار المتداولة الدفاعية التي تستثمر في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والسلع الاستهلاكية الأساسية، والمرافق العامة، وهي قطاعات لا تتأثر كثيرًا بالتقلبات الاقتصادية، مما يجعلها خيارًا مناسبًا في فترات التوتر.
إضافةً إلى ذلك، هناك صناديق الاستثمار العقاري ذات العائد التي توفر للمستثمرين فرصة الحصول على دخل منتظم من خلال الاستثمار في العقارات التجارية والسكنية التي تدر إيجارات ثابتة، وهي خيار جذاب لمن يسعى إلى دخل شهري مستقر.
هذه الاستراتيجيات لا تهدف إلى تحقيق أرباح سريعة، بل إلى حماية رأس المال من التقلبات الحادة التي قد تحدث في حال انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي.
ومع استمرار حالة انعدام اليقين بشأن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، والسياسات النقدية، والتوترات الجيوسياسية، فإن الميل نحو الاستثمارات الآمنة يزداد يومًا بعد يوم.
الجدير بالذكر أن هذه المخاوف كانت من أبرز أسباب التشاؤم في الأسواق خلال الأسبوع الماضي، حيث شهدت بعض المؤشرات تراجعًا نتيجة القلق من أن قطاع الذكاء الاصطناعي قد يكون مبالغًا في تقييمه.
وبينما يستمر الجدل حول مستقبل هذا القطاع، يبقى الخيار الآمن هو التنويع والاعتماد على أدوات استثمارية أثبتت جدواها عبر الزمن.
في النهاية، لا يعني الحذر من الذكاء الاصطناعي رفضه بالكامل، بل هو دعوة للتوازن بين الطموح والواقعية، وبين الابتكار والحذر المالي، خاصة لمن يضع الاستقرار المالي في مقدمة أولوياته.