على مدار الفترة الأخيرة، يستمر الدولار الأمريكي في حصد الكثير من المكاسب على حساب باقي العملات الرئيسية والذهب مستفيدًا من توافر عدد من العوامل التي تتنوع من سياسية إلى اقتصادية إلى عوامل ذات صلة بالمسار المستقبلي للسياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي إضافة إلى بعض العوامل ذات الصلة بالتوترات الجيوسياسية.
التضخم الأمريكي
جاءت قراءات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي متوافقة مع توقعات الأسواق رغم ارتفاع بعضها في أكتوبر الماضي مقارنة بالمستويات المسجلة الشهر السابق، وهو ما عزز توقعات بإمكانية أن يكون الفيدرالي أقل سرعة في خفض الفائدة في المرحلة المقبلة حتى يتفادى أي ارتفاعات حاجة في الأسعار من شأنها أن تحدث انتكاسة في التقدم الذي أحرزه البنك المركزي في مكافحة النمو الحاد في الأسعار.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2% ، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى نفس الرقم وذلك على أساس شهري.
كما ارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بواقع بـ2.6% مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 2.4% ، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى 2.6%.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت بـ0.3%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى بـ0.3%، وذلك على أساس شهري
وسجلت القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ3.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 3.3%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى 3.3%.
على الجانب الآخر، جاءت قراءات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة أعلى من توقعات الأسواق الخميس لتعكس زيادة في نمو الأسعار في أكتوبر الماضي مقارنة بالمستويات المسجلة الشهر السابق، وهو ألقى بظلال سلبية على توقعات خفض الفائدة في الفترة المقبلة وعزز توقعات بإمكانية أن يكون الفيدرالي أقل سرعة في خفض الفائدة في المرحلة المقبلة حتى يتفادى أي ارتفاعات قوية حادة في الأسعار من شأنها تبدد جهوده التي بذلها على مدار سنتين لخفض التضخم.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.1% ، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى نفس الرقم وذلك على أساس شهري.
لكن القراءة السنوية للمؤشر ارتفعت بواقع 2.4% مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 1.9% ، وهو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 2.3%.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المنتجين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت بـ0.2%، وهو ما متوافقًا مع توقعات السوق التي أشارت إلى 0.3%.
وسجلت القراءة السنوية لمؤشر أسعار المنتجين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ3.1% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 2.9%، وهو ما أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 3.00%.
بصفة عامة، أيدت مؤشرات التضخم الأمريكي أنه قد تكون هناك حاجة في المستقبل القريب إلى الإبطاء من وتيرة خفض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي من أجل تفادي أي ارتداد إيجابي في معدلات التضخم الأمريكية، مما يزيد من خطر تبدد جهود البنك المركزي في مكافحة التضخم.
السياسة النقدية
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أثناء المشاركة في مؤتمر المنظور العالمي الذي تنظمه الغرفة التجارية الإقليمية في دالاس الخميس إن “الاقتصاد لا يظهر الإشارات التي نحتاج إلى مشاهدتها من أجل أن نعرف أننا في حاجة إلى الإسراع من وتيرة خفض الفائدة”.
أكد جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن “التحرك بالسياسة النقدية نحو الأوضاع الطبيعية يستغرق وقتًا، إذ لا يمكن أن تكون هذه السياسية معدة سلفًا”.
وتوقع باول أن “يستمر التضخم في الهبوط، متخذًا مسارًا وعرًا في بعض الأحيان”، مشددا على التزام الفيدرالي بالانتهاء بمهمته فيما يتعلق بالتضخم.
وقال: “الأداء القوي للاقتصاد يمكن الفيدرالي من اتخاذ قراراته بعناية”، مؤكدًا سوق العمل لا يزال يتمتع بالكثير من القوة بينما يسير التضخم بخطى ثابتة إلى هدفه الرسمي المحدد بـ2.00%.
كما أشاد رئيس الفيدرالي بالبيانات الاقتصادية التي ظهرت في الفترة الأخيرة.
وفي مجملها، ألقت تلك التصريحات الضوء على ميل داخل أروقة البنك المركزي إلى السير بوتيرة معتدلة في خفض الفائدة. ويرجح أن ذلك يعود لسببين؛ الأول يتضمن أن الفيدرالي يحاول تفادي أي تبدد لجهوده في مكافحة التضخم في الفترة المقبلة، أما السبب الثاني فيشير إلى تفادي تعرض الأسواق لصدمة حال خفض الفائدة بوتيرة أسرع مما تقتضيه الأوضاع الاقتصادية.
سياسات ترامب التضخمية
يرى البعض أن سياسات ترامب الاقتصادية ربما تكون سببًا في ارتفاع محتمل للتضخم في الفترة المقبلة، إذ تعتمد بصفة عامة على زيادة التعريفات الجمركية، والتوسع في الإعفاءات الضريبية، وشن حملات على الهجرة غير الشرعية وتوقيف العمالة غير المسجلة من المهاجرين غير الشرعيين.
ومن الطبيعي أن تؤدي التعريفات التجارية وزيادتها المحتملة في فترة ولاية ترامب إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يعود بالتضخم إلى مستويات أعلى. وتستهدف إدارة ترامب فرض المزيد من التعريفات التجارية، خاصة على واردات الولايات المتحدة من الصين.
ومن شأن الخفض الضريبي أيضًا أن يؤدي إلى المزيد من التضخم، إذ من الممكن أن يتراجع الحد الأدنى لاستحقاق الضريبة مع ارتفاع معدلات ضريبة الشركات إلى حدٍ كبيرٍ علاوة على إمكانية إلغاء الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها في الوقت الراهن، إذ كانت تستفيد من إعفاءات كبيرة للبحث والتطوير والاستثمار في العقارات المملوكة لها.
ويتوقع أيضًا أن تبالغ إدارة ترامب تبالغ في تبني المزيد من الإصلاحات لتكون امتدادًا للإصلاحات السابقة التي تحولت إلى قوانين أمريكية معمول بها بالفعل. كما يتوقع أن تعمل إدارة ترامب على إقرار المزيد من خفض ضريبة الشركات من 21% حاليا إلى 15%، مما يجعل الولايات المتحدة واحدة من أقل الدول فرضًا للضرائب للشركات في العالم.
وفي هذه الحالة، من الطبيعي أن تتراجع العائدات الضريبية الأمريكية، مما يجعل الإدارة في حاجة إلى إصدار المزيد من السندات الحومية من أجل تغطية لإنفاق الحكومي، وهو ما ساعد أيضًا على ارتفاع التضخم.
وعن الحملة المرتقبة على المهاجرين غير الشرعيين، العمالة غير المسجلة، تنخفض أعداد العمال في الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكلفة العمالة – الأجور – التي تُعد من بين أهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة التضخم.
التوترات الجيوسياسية
تشهد أكثر من بقعة حول العالم توترات جيوسياسية، لكن أبرزها وأكثرها تأثيرًا على حركة سعر الدولار الأمريكي هي التوترات في الشرق الأوسط، المنطقة التي تشهد حربًا منذ العام الماضي يُخشى أن تتحول إلى حرب إقليمية من خلال اتساع نطاق القتال ليشمل إسرائيل وإيران والجماعات الموالية لها مثل حركة حماس وحزب الله اللبناني.
وبالفعل، لا يزال القتال مستمرًا في هذه المنطقة وسط تكثيف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة والأراضي اللبنانية، مما يجعلها وحدة من أكثر المناطق سخونة حوا العالم.
كما أن هناك توترات جيوسياسية أخرى في منطقة شرق أوروبا حيث الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وكلا الحربين – سواء في الشرق الأوسط أو في شرق أوروبا – تمثل الولايات المتحدة طرفًا فيهما بشكل غير مباشر إذ تدعم إسرائيل وأوكرانيا، وهو ما يجعل العملة الأمريكية حساسة تجاه هذه التوترات وترتفع مع تصاعد أي منها في المنطقتين.