كانت الآمال في اقتراب الاقتصاد الأمريكي في المزيد من التحفيز المالي، وبيانات التوظيف الأمريكي التي أشارت إلى انتقال سوق العمل من المنطقة السالبة إلى أرقام إيجابية، والتراجع الذي رصد على صعيد حالات ووفيات فيروس كورونا في الولايات المتحدة هي العوامل التي ساعدت على سيطرة التفاؤل على معنويات الأسواق على مدار اليوم الأول من تعاملات هذا الأسبوع.
يُضاف إلى ذلك أيضا رسائل الطمأنة التي بعث بها مسؤولون في القطاع المالي والنقدي إلى الأسواق، والتي قللت في مجملها من تهديدات مخاطر الارتفاع الحاد المحتمل للتضخم في الولايات المتحدة نتيجة لجهود التحفيز.
وكانت أبرز تلك التصريحات ما رجحته جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، التي أكدت خلالها أن خطر تعاظم الضغوط التضخمية نتيجة لإجراءات التحفيز يتضائل مقارنة بمخاطر ترك الاقتصاد بلا دعم أو تحفيز.
بيانات التوظيف الأمريكي
سجلت قراءة مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية الأمريكية ارتفاعًا في يناير الماضي بواقع 49 ألف وظيفة مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق التي أشارت إلى فقدان الاقتصاد الأمريكي 147- ألف وظيفة، وهي الخسائر الأولى للمعدل في سوق العمل الأمريكي منذ مارس الماضي، وهو ما جاء أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع بحوالي 50 ألف وظيفة، وفقا للبيانات الصادرة الجمعة الماضية.
وسجلت قراءة معدل البطالة في الولايات المتحدة أدنى المستويات في حوالي عام عنج 6.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 6.7% والتوقعات التي أشارت إلى نفس الرقم.
التحفيز
مرر مجلس الشيوخ الأمريكي الجمعة الماضية مشروع قانون موازنة مثل الخطوة الإجرائية الأولى التي تمهد للديمقراطيين الطريق أمام تمرير حزمة التحفيز العملاقة المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن بقيمة 1.9 ترليون دولار لدعم الاقتصاد الأمريكي في مواجهة فيروس كورونا.
بهذه الخطة يستطيع الديمقراطيون تمرير التشريع الخاصة بحزمة التحفيز الجديدة دون خطر إعاقتها من قبل الجمهوريين، الذين أصبحوا يمثلون الأقلية في مجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة.
وصوت مجلس الشيوخ لصالح مشروع قانون الموازنة بنتيجة سجلت 51-50 لصالح المشروع، وهو فارق صوت واحد أدلت به كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي لترجح كفة حزمة تحفيز بايدن.
وجاء التصويت النهائي بعد مناقشة العديد من التعديلات المقترحة والتصويت على تلك التعديلات حتى وصل المجلس إلى شكل نهائي للمسودة التي مررت الجمعة.
مع ذلك، كشفت مناقشات حزمة تحفيز بايدن أن هناك تقارب في وجهات النظر بين الديمقراطيين والجمهوريين وثمة اتفاق على أن هناك حاجة ملحة لمزيد من تحفيز الاقتصاد.
فيروس كورنا
قالت وكالة أنباء رويترز الاثنين إن اتجاهات كوفيد19 في الولايات المتحدة تتحرك في المسار الصحيح، مؤكدة أن عدد الحالات بصفة عامة وعدد الحالات التي تحتاج إلى رعاية داخل المستشفيات وعدد الوفيات بسبب الوباء تراجع إلى أدنى المستويات منذ بداية انتشار الوباء.
وأشارت إلى أن التراجع في إجمالي الحالات الجديدة في نهاية الأسبوع الماضي كان بواقع 25% أو حوالي 825000 حالة، وهو الهبوط الأكبر على الإطلاق منذ ظهور فيروس كورونا.
وأشارت وكالة الأنباء العالمية إلى أن العلماء يخشون من السلالات الجديدة من كوفيد19 أن تؤثر على الاتجاه الحالي للحالات.
وأكدت أن عدد الحالات هبط للأسبوع الرابع على التوالي إلى أدنى المستويات منذ نوفمبر الماضي في الولايات المتحدة.
وقال تقرير اتجاهات الوباء إن ولاية كاليفورنيا هي الولاية التي شهدت الهبوط الأكبر في عدد حالات الفيروس الوبائي، لكنها ذكرت أن عدد الحالات ارتفع في ولايات أوريجون وبورتوريكو، وأركنساس، وفيرمونت فقط.
وأكدت الإحصائيات أن هناك ثلاث سلالات من فيروس كورونا في الولايات المتحدة، من بينها السلالة التي اكتشفت في المملكة المتحدة التي ترتفع سرعة معدل انتشارها بنسبة 30% مقارنة بغيرها من السلالات.
وتراجع عدد من يتلقون العلاج من فيروس كورونا في المستشفيات الأمريكية بواقع 15% الأسبوع الماضي إلى 88000، وهو ما يشير إلى هبوط قياسي، وهو أيضا أدنى مستوى لعدد الحالات من هذا النوع منذ أواخر نوفمبر الماضي.
وتراجع عدد الوفيات بسبب الوباء في الولايات المتحجة الأسبوع الماضي بواقع 2.5% إلى 22193 وفاة.
تراجع مخاوف التضخم
قلل توماس باركين، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، من شأن مخاطر التضخم التي تحدث عنها الكثير من المراقبين والمهتمين بالأسواق متوقعين ارتفاعات حادة في أسعار المستهلك الأمريكي نتيجة لجهود التحفيز.
وشدد على أن هناك حاجة ماسة للاقتصاد الأمريكي للدعم والتعزيز رغم مخاوف الارتفاعات الحادة في الأسعار.
ورجح أيضا أن أي زيادة كبيرة في الأسعار في الولايات المتحدة سوف تكون “مؤقتة” نتيجة لجهود التحفيز المالي.
قالت كريستالينا جورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، الجمعة إن “الولايات المتحدة لا يزال لديها متسع مالي يسمح لها باتخاذ المزيد من الإجراءات لدعم الاقتصاد”.
وأعربت عن دعمها لخطط الرئيس الأمريكي جو بايدن وإصراره على التركيز على إنفاق المزيد من الأموال على اللقاحات ودعم من فقدوا وظائفهم.
وأضافت: “لابد أن نتابع بعناية المخاطر التضخمية التي يشكلها هذا الدعم على الاقتصاد الأمريكي، لكننا في نفس الوقت واثقون من أن وزيرة الخزانة يلين سوف تراقب هذا النوع من المخاطر وتتخذ كل ما تقتضيه الضرورة من إجراءات لتفاديها”.