ليوم التداول الثالث على التوالي، تراجع اليورو متأثرا بتدهور في البيانات الأوروبية الصادرة الثلاثاء مع تراكم بعض العوامل السلبية التي تستمر في توجيه ضربات للعملة الأوروبية الموحدة في الفترة الأخيرة.
وكان السبب المباشر للهبوط اليوم هو حالة الجمود التي عكستها بيانات الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو في الربع الثالث من 2021، وهو الجمود الذي أصاب القراءات الفصلية والسنوية في نفس الوقت، مما يلقي الضوء على حالة من التباطؤ الشديد في تعافي اقتصاد المنطقة.
وهبط اليورو/ دولار إلى مستوى 1.136 مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1.1445. وارتفع الزوج إلى أعلى مستوى له على مدار يوم التداول الثلاثاء عند 1.1464 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.1356.
البيانات الاقتصادية
سجلت قراءة الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الربع الثالث من العام الجاري 2.2%، وهو نفس المستوى المسجل في الربع الماضي والذي أشارت إليه التوقعات أيضا.
كما بقيت قراءة الربع الثالث من 2021 للناتج المحلي الإجمالي الأوروبي على أساس سنوي عند نفس المستويات المسجلة في نفس الفترة عند 3.7%.
في المقابل، وارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية في أكتوبر الماضي بواقع 1.7% مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بحوالي 0.8%، وهو ما جاء أفضل من توقعات الأسواق التي بواقع 1.4%.
كما ارتفعت قراءة مؤشر مبيعات التجزئة باستثناء مبيعات السيارات في نفس الفترة بواقع 1.7% مقابل القراءة الشهرية السابقة التي سجلت 0.7%، مما تجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 1.00%.
كما ارتفعت القراءات الشهرية والسنوية لمؤشري أسعار الصادرات والواردات في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي، مما أضاف إلى الإيجابية التي سادت الأسواق.
وارتفعت القراءة الشهرية والسنوية لمؤشر أسعار الصادرات الأمريكية في أكتوبر الماضي بواقع 1.5% مقابل قراءة سبتمبر الماضي التي سجلت 0.4% و18% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 16.3% على الترتيب.
وارتفعت الثقة في القطاع الإنشائي في الولايات المتحدة، وفقا لقراءة مؤشر سوق الإسكان الذي تقدم إلى 83 نقطة في نوفمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 80 نقطة، والتوقعات التي سجلت نفس الرقم.
وارتفع أيضا مؤشر الإنتاج الصناعي الأمريكي في أكتوبر الماضي بواقع 1.6% مقابل القراءة السابقة التي سجلت مستويات سالبة بعد الهبوط بحوالي 1.3-%، وهو ما فاق توقعات الأسواق التي أشارت إلى تقدم بحوالي 0.7%.
كما ارتفع مؤشر استغلال القدرات في الولايات المتحدة إلى 76.4% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 75.2%، وهو ما فاق التوقعات التي أشارت إلى 75.9%.
كانت البيانات الأمريكية التي عكست تحسنا واضحا في أغلب القطاعات الاقتصادية الأمريكية مقابل الجمود في قراءات النمو الأوروبية بمثابة شهادة بأفضلية الاقتصاد الأمريكي وتقدمه على نظيره الأوروبي، وهو ما جاء لصالح الدولار الأمريكي الذي ضغط بقوة على العملة الأوروبية الموحدة.
السياسة النقدية
كان الاثنين الماضي يوما حافلا بالتصريحات التي أدلى بها مسؤولو السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي، والتي جاءت بالمزيد من الضغوط التي يعاني منها اليورو بسبب التركيز على أن المنطقة الأوروبية لا تزال بعيدة عن التقييد النقدي (خفض مشتريات الأصول ورفع الفائدة) علاوة على تركيزها على إمكانية امتداد معاناة ارتفاع التضخم إلى وقت أطول مما تتوقعه الأسواق.
وقالت كريستين لاجارد، رئيس مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، في حديث أدلت به أمام البرلمان الأوروبي الاثنين الماضي: ” إذا تحولنا إلى النهج المشدد في الوقت الحالي، فسيضر أكثر مما ينفع”، مؤكدة أن هذا النهج (رفع الفائدة وخفض مشتريات الأصول) قد يجدي نفعا في الوقت الذي ينخفض فيه التضخم إلى مستويات أقل.
وأضافت: “تحرك البنك المركزي الأوروبي الآن لكبح ارتفاعات الأسعار لن يكون الرد المناسب، مستشهدة بـالتوقيت المناسب الذي تكون فيه السياسة النقدية فعالة”.
وألقت تلك التصريحات الضوء على أن الاتجاه السائد في أروقة المركزي الأوروبي يميل إلى الاستمرار في التيسير الكمي، مما أثار توقعات بأن اليورو لن يتحول إلى أصل مرتفع العائد في وقت قريب.
وقال لويس دي جويندوس، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الاثنين إن “ارتفاع أسعار منتجات الطاقة يؤثر على النمو من خلال تقويض القوة الشرائية للأسر”.
وأضاف: “للحيلولة دون تحقق المخاطر التي حددناها في الفترة الأخيرة، من الضروري الحفاظ على زخم النمو وتفادي السيناريوهات التي تشكل خطرا على استقرار الأسعار”.
وتوقع أن تستمر حالة الارتفاع الحاد في التضخم، الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة واختناقات المعروض، قد تستمر لوقت أطول من المتوقع.
وهناك عامل ثالث قد يستمر في الضغط على اليورو في الاتجاه الهابط، والذي يشير إلى عودة ارتفاع أعداد إصابات كوفيد19 في بعض دول المنطقة، مما ينذر بإغلاق في تلك الدول التي تشهد انتشارا سريعا للوباء، وهو الأمر السلبي مقارنة بأوضاع انتشار الوباء في الولايات المتحدة.