انتهت تعاملات الثلاثاء في الاتجاه المعاكس لما كان عليه الإغلاق السابق الاثنين الماضي، إذ تعرض الدولار الأمريكي لهبوط بسبب التفاؤل الذي أثارته تقارير الأرباح، أبرزها جنرال إليكتريك و3 إم وجونسون آند جونسون.
وتأثر الذهب أيضا بنفس حالة التفاؤل التي سادت أسواق الأسهم العالمية في أوروبا والولايات المتحدة، مما أدى إلى انتقال هذه الحالة الإيجابية إلى باقي الأًول المتداولة في الأسواق.
ومن المعروف أن أصول الملاذ الآمن لا تجد ضالتها في العوامل الإيجابية، وأنها تتراجع حال تقدم التفاؤل والعوامل الإيجابية للإمساك بزمام الأسواق، وهو ما حدث أثناء تعاملات الثلاثاء.
لذا هبطت العقود الآجلة للذهب تزامنا مع تراجع الدولار الأمريكي، مما يشير إلى حالة متطرفة لمعنويات السوق واتجاهات المخاطرة لدى المستثمرين.
وجرت العادة على أن العملة الأمريكية والمعدن النفيس يسير كل منهما في الاتجاه المعاكس للآخر، لذا يلقي اجتماعهما على نفس الاتجاه واتخاذهما نفس المسار الضوء على أن هناك حالة غير مألوفة في الأسواق.
ويبدو أن هذه الحالة الغريبة ورائها التفاؤل الذي أثارته تقارير الأرباح يُضاف إليه حالة الترقب التي تعيشها الأسواق لقرارات الفيدرالي والبيان الذي من المنتظر أن تصدره لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة.
وجمع بين العملة الأمريكية والمعدن النفيس في الاتجاه الهابط أيضا هذه الحالة من الترقب للبيان الذي يصدر عن الفيدرالي الأربعاء المقبل بعد نهاية الاجتماع الذي بدأ اليوم، والذي قد يحمل إشارات إلى ملامح هامة لأجندة بايدن الاقتصادية.
وحال تأكيد الفيدرالي على نيته الإقلاع عن التيسير الكمي والتوقف عن شراء الأصول لثقته في استدامة تعافي الاقتصاد، أو حتى إشارته ضمنيا إلى ذلك، سوف يرتفع الدولار على حساب الذهب.
لكن تحقق السيناريو العكسي الذي يتضمن اعتزام البنك المركزي الاستمرار في شراء الأصول وإجراءات التحفيز النقدي، فسوف نرى هبوطا للدولار لصالح المعدن النفيس.
وتكمن أهمية اجتماع الفيدرالي لشهر يناير الجاري في أنه الاجتماع الأول لمجلس محافظي البنك المركزي منذ تولي جو بايدن السلطة علاوة على وجود جانيت يلين، الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، منصب وزير الخزانة الأمريكية.
وتنتظر الأسواق بتلهف هذا الاجتماع الذي يتوقع أن يكشف الكثير من الملامح الرئيسية للسياسة النقدية للفيدرالي في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
وطالب كثير من أعضاء الفيدرالي، منذ ظهور فيروس كورونا، بضرورة أن يتم الجمع بين السياستين النقدية والمالية لاتخاذ إجراءات لدعم وتحفيز الاقتصاد حتى تتوافر للأثر الناتج عن هذه الإجراءات القوة اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
ورغم ظهور إشارات من أورقة الفيدرالي في الفترة الأخيرة إلى إمكانية التخلي عن التحفيز النقدي والتيسير الكمي للثقة في تعافي الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة، لا نرجح أن يكون البنك المركزي على استعداد للإشارة، حتى ولو من بعيد، إلى إمكانية وقف شراء الأصول أو رفع الفائدة.
ونستند فيما رجحناه إلى ضرورة أن يكون هناك توافق بين السياسة النقدية للولايات المتحدة التي يقود دفتها جيروم باول، رئيس الفيدرالي، ورئيسته السابقة في البنك المركزي والوزيرة الحالية للخزانة الأمريكية التي تمسك بزمام السياسة المالية.
وشهد الأسبوع الماضي تصريحات أدلى بها يلين، التي حلفت اليمين الدستورية لتكون الإمرأة الأولى التي تتولى منصب وزيرة الخزانة الأمريكية، في إطار شهادتها على الأوضاع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي أشادت خلالها بالحزمة التحفيزية المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن بقيمة 1.9 ترليون دولار.
كما حثت يلين الكونجرس الأمريكي على أن يتبنى المزيد من الحزم التحفيز المالي، محذرة من أن عدم تبني هذا الاتجاه قد يأخذ بزمام الاقتصاد الأمريكي إلى ركود عميق.