قرر بنك الصين الشعبية الاثنين الماضي زيادة متطلبات احتياطي النقد الأجنبي للبنوك الصينية فيما اعتبره كثيرون استراتيجية جديدة تستهدف التصدي للارتفاع الحالي لليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي.
وجاء هذا القرار ليكون الأول من نوعه في عشر سنوات، إذ لم يرفع البنك المركزي متطلبات احتياطي النقد الأجنبي للبنوك المحلية في البلاد لعقد كامل.
كما أتى قرار السلطات النقدية في وقت تشهد فيه العملة الصينية ارتفاعا حادا بما يزيد على 2.5% مقابل الدولار الأمريكي في الأشهر الثلاثة الماضية مع ارتفاع بحوالي 13% مقابل المستويات المسجلة للعملة الصينية قبل عام واحد، ليبلغ سعر صرف زوج الدولار/ يوان مستوى 6.8300.
وكان هذا الصعود، الذي بلغ باليوان أعلى المستويات في ثلاث سنوات، من أهم العوامل التي أثارت مخاوف مسؤولي الاقتصاد والنقد في بكين حيال المزيد من ارتفاع اليوان.
ويمثل ارتفاع قيمة العملة الصينية خطرا كبيرا على الاقتصاد، إذ أن الصين دولة تعتمد على الصادرات بصفة أساسية في توفير احتياجاتها التمويلية، وهو ما يجعل ارتفاع العملة من الأسباب التي تفقد المنتجات الصينية ميزة تنافسية كبيرة تتمتع بها بين منتجات دول العالم، وهي انحفاض سعرها إلى حدٍ كبير بالدولار الأمريكي.
ورفع بنك الصين الشعبية متطلبات احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك الصينية إلى 7.00% مقابل 5.00%، وهو القرار الذي يبدأ العمل به في منتصف يونيو الجاري.
ومعنى القرار هو أن تكون المؤسسات المالية والمصرفية في الصين ملزمة بإيداع 7.00% من الإيداعات التي تتلقاها بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي كحد أدنى لمتطلبات احتياطي النقد الأجنبي.
ضخ غير مباشر للسيولة
رغم ضآلة النسبة التي أقرها البنك المركزي لتلك المتطلبات، وما يتوقع أن تحدثه من آثار بسيطة على وضع العملات الأجنبية والعملة المحلية داخل الصين، قد يفتح هذا القرار الباب أمام نهج مختلف تبدأ السلطات النقدية الصينية في اتباعه يتضمن البحث عن طرق جديدة طوال الوقت للسيطرة على ارتفاع اليوان الصيني، وهو ما يعكس استياء البنك المركزي من القيمة الحالية للعملة.
كما يرجح أن البنك المركزي يحاول أن يبعث برسالة إلى الاقتصادات الرئيسية تشير إلى قدرته على التدخل بطرق كثيرة للتصدي لارتفاع العملة إلى مستويات تضر بالصادرات.
ويبدو أن هذه الرسالة تأتي في وقت مناسب، خاصة وأنها تتزامن مع التراجع الكبير في حركة سعر الدولار الأمريكي الذي يتأُر سلبا بمخاوف ارتفاع مفرط في معدلات التضخم في الأشهر القليلة الماضية.
ومن المتوقع أن يتسبب قرار السلطات النقدية في بكين برفع متطلبات احتياطي النقد الأجنبي في تجميد حوالي 20 مليار دولار، وهو ما يظهر عزم البنك المركزي على وقف الصعود الحالي لليوان الصيني.
وعندما تجمد تلك المليارات، من الطبيعي أن يحل محلها اليوان الصيني بنفس القيمة، وهو يؤدي إلى زيادة المعروض من العملة الصينية، ومن ثم تتراجع قيمتها.
بذلك يعتبر هذا الإجراء غير المسبوق في عشر سنوات بمثابة تدخل في سعر الصرف من قبل السلطات النقدية الصينية من خلال بيع المليارات من العملة المحلية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه أنه ضخ سيولة بشكل غير مباشر في الأسواق من الطبيعي أن يؤدي إلى هبوط قيمتها.