نجح رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي في الحفاظ على هدوءه وتحقيق الهدف المأمول من تصريحاته التي أدلى بها في مؤتمر صحفي انعقد عقب إعلان قرارات البنك المركزي التي أشارت إلى تثبيت الأوضاع النقدية كما هي عليه في الفترة الأخيرة دون تغيير.
وأثناء حديثه عقب إعلان تلك القرارات، تناول باول عدة قضايا هامة كان من شأنها بث التفاؤل في الأسواق إلى حدٍ بدد الكثير من المخاوف التي تنتاب المستثمرين في أسواق المال العالمية منذ فترة طويلة.
وكانت أبرز نتائج حديث باول هو قدرة أسهم وول ستريت على الصعود رغم الارتفاع الحاد في عائدات سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يشير إلى تبدد مخاوف الأسواق من ارتفاعات هائلة محتملة في معدل التضخم من شأنها أن تدفع بالسلطات النقدية إلى رفع الفائدة.
وضخَّ رئيس الفيدرالي قدرا إضافيا من التفاؤل في الأسواق عندما قال: “تفادينا بعض أسوأ التبعات الاقتصادية في الفترة الأخيرة بفضل إجراءات السياسة النقدية”.
وأضاف : “لا ينبغي لأي أحد أن يشعر بالرضا عن نفسه، وسوف نستمر في توفير الدعم طالما ظلت هناك حاجة لذلك”.
كما أطلق عددا من التعهدات التي يلتزم بها الفيدرالي في الفترة المقبلة على صعيد إجراءات السياسة النقدية عندما أكد أن “إجراءات السياسة النقدية سوف تستمر في توفير الدعم للاقتصاد حتى يتحقق التعافي الكامل”، مرجحا أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا تعطي الأمل في العودة إلى الأوضاع الطبيعية في وقت لاحق من العام الجاري.
وأشاد باول بالتقدم الذي أحرزه قطاع الإسكان الأمريكي قائلا: “حقق قطاع الإسكان ما هو أكثر من التعافي، كما شهدت استثمارات الشركات تحسنا في الفترة الأخيرة.
وقال رئيس لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب انتهاء اجتماع لجنة السوق المفتوحة الأربعاء: “تحقق التعافي بسرعة تفوق التوقعات التي ظهرت في الفترة الأخيرة”.
وأضاف: “تمت مراجعة التقديرات الاقتصادية إلى ارتفاع في الفترة الأخيرة”، مرجحا أن معدل البطالة يُعد من المؤشرات التي تفسر التطورات التي تشهدها الأوضاع الاقتصادية.
تقليل من شأن ارتفاع التضخم
توقع باول أن “يبقى التضخم تحت مستوى 2.00% الذي يمثل الهدف الرسمي”، مؤكدا أنه على مدار الأشهر القليلة المقبلة سوف تشهد زيادة في الآثار السلبية للتضخم في أسعار المستهلك.
وتوقع أيضا أن “نشاهد ارتفاعا في الضغوط التضخمية باستئناف النشاط الاقتصادي، خاصة على مستويات عنق الزجاجة للعرض”.
وأشار إلى أن “ارتفاع الأسعار لمرة واحدة قد يكون لها آثار انتقالية”، مؤكدا أن الارتفاع الانتقالي للتضخم، كما هو متوقع، إلى مستويات أعلى من 2.00% هذا العام لا يتوافق مع معايير الفيدرالي.
قال رئيس الفيدرالي جيروم باول: “نريد تقدما مستداما حقيقيا، لا مجرد توقعات تقول ’ليس بعد‘”، وذلك ردا على سؤال وجه إليه عن بداية الاتجاه إلى رفع الفائدة والتقليل من حجم مشتريات الأصول.
وأضاف: “نريد الحديث عن تقدم بخطى ثابتة أولا قبل الحديث عن بداية الاتجاه إلى رفع الفائدة والتقليل من حجم مشتريات الأصول. نريد بيانات حقيقية، لا مجرد تكهنات”.
وتابع:”سوف نعلن بعض الأمور الجديدة الخاصة بمتطلبات الاحتياطي لدى البنوك التجارية”.
وأشار إلى أن الأمر خارج اختصاص لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة فيما يتعلق بحسابات التقاعد المبسطة. ورجح أن “حالة الاقتصادي في السنتين أو الثلاثة المقبلة يغلفها انعدام اليقين، ولا أريد أن أركز على التكهنات التي تظهر في هذه الفترة”.
قال باول: “سوف يستغرق الأمر وقتا طويلا من الناس حتى يتمكنوا من أن يفعلوا مثلما نفعل وينتظروا البيانات الفعلية، لكن هذه هي الطريقة الوحيدة لتوفير المصداقية”.
وأضاف: “سوف أنزعج إذا سادت الاضطرابات الأسواق أو حدث تحرك مستمر من ِأنه أن يعيقنا عن تحقيق أهدافنا”.
وأكد أن الفيدرالي ملتزم باتباع السياسة التيسيرية حتى ينتهي من إنجاز مهمته كاملة، مرجحا أن أوضاع السياسة النقدية الحالية ملائمة للأوضاع الاقتصادية تماما مثل الوضع الحالي لبرنامج التيسير الكمي الذي رأى أنه ملائم أيضا للأوضاع الراهنة.
وأشار إلى أن الإجراءات المالية التي تتخذ لدعم الاقتصاد سوف تبدو جيدة على المدى الطويل، لكنه قال إن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة لديها مناظير مختلفة في التعامل مع الأوضاع الحالية.
وقال باول: “هناك مناظير مختلفة للأمور في لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة لأننا لم نمر بوباء من قبل، لذا لم نتعرض للتعامل مع هذا الكم من الدعم المالي من قبل”.
وأضاف: “حتى نتمكن من رفع الفائدة لابد أن يتحقق الحد الأقصى من التوظيف وهدف التضخم المحدد بـ 2.00%، لكن بشرط ألا يكون تحقيق ذلك مؤقتا “.
وشدد على ضرورة توفير الاستقرار المالي في البلاد والحفاظ عليه ومراقبته باستمرار، مؤكدا على أنه عندما كان الاقتصاد يحقق نموا قبل الوباء لم يكن هناك تراكم مفرط في الأصول المالية للفيدرالي.
وأشار إلى أن “العلاقة بين معدلات الفائدة المنخفضة والاستقرار المالي ليست ثابتة كما يعتقد البعض”.
وأكد رئيس لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة اتسم بالبطء في الفترة من نوفمبر وحتى يناير الماضيين، لكن معدلات التوظيف ارتفعت بداية من فبراير الماضي.
كانت أبرز نتائج الرسائل الإيجابية التي بعث بها رئيس الفيدرالي إلى الأسواق هي تراجع الدولار الأمريكي وارتفاع الأسهم في نفس الوقت الذي ترتفع فيه عائدات سندات الخزانة الأمريكية، مما يشير إلى اكتساب مؤشرات بورصة نيويورك زخما قويا بما فيه الكفاية للتغلب على الضغوط التي يشكلها ارتفاع العائدات على الأسهم.