نور تريندز / التقارير الاقتصادية / التقاريرالإقتصادية اليومية / كيف حققت الأسهم أسرع تعافي في تاريخ بورصة نيويورك؟
وول ستريت
وول ستريت

كيف حققت الأسهم أسرع تعافي في تاريخ بورصة نيويورك؟

يبدو أن الأسواق قد تلقت جرعة كبيرة من التفاؤل في الفترة الأخيرة نتيجة لتعدد العوامل الإيجابية التي توافرت في المشهد الاقتصادي الأمريكي منذ ظهور الدفعة الأحدث على الإطلاق من بيانات التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة.

وبلغت الإيجابية التي يختزن المستثمرون في أسواق المال العالمية قدرا كبير منها في قدرتهم على التصدي لعدد كبير من العوامل السلبية التي أضرت كثيرا بشهية المخاطرة في الأسواق في اليوم الأول من تعاملات أسبوع التداول الجديد.

فالأحداث المثيرة للقلق بدأت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بوصول حركة طالبان إلى العاصمة كابول ومطالبتها بتسلم السلطة من الحكومة الأفغانية التي كانت تدير شؤون البلاد في ظل الوجود الأمريكي، وهو الأمر الذي أثار الذعر في الداخل الأفغاني وعلى مستوى العالم لوصول حركة متشددة إلى العاصمة كابول واستيلائها على الحكم في البلاد حتى قبل أن تتم عملية انسحاب القوات الأمريكية من هناك.

وكانت تلك التوترات سببا وراء مشاهد مرعبة للآلاف من المواطنين في أفغانستان الذين حاولوا الفرار من البلاد إلى حدٍ دفع بعضهم إلى التضحية بحياتهم أثناء محاولة الهروب.

وجاءت البيانات الصينية لتكمل دائرة التشاؤم التي حاصرت الأسواق بعد ظهور بيانات سلبية عكست تدهورا حادا في عدد من القطاعات الاقتصادية الهامة لدى ثاني أكبر اقتصادات العالم، وهو ما ألقى بظلال ثقيلة على الأسواق نظرا للمكانة التي تتمع بها الصين والتي تجعلها محركا أساسيا من محركات النمو العالمي.

كما أظهرت قراءات اقتصادية أن هناك تراجع في أداء قطاع الصناعة الأمريكية، وهو أضاف المزيد من السلبية إلى أداء الأسواق، وزاد أيضا من حدة الضغوط التي خضعت لها أسواق الأسهم الأمريكية في الساعات الأولى من جلسة التداول الاثنين.

ونرجح أن بورصة نيويورك تجاهلت تماما التطورات اليومية السلبية التي شهدتها جلسة الاثنين واعتمدت على مخزون التفاؤل الذي خلفته بيانات التوظيف الأمريكية الجمعة نهاية الأسبوع السابق وتمرير مشروع قانون خطة بايدن للإنفاق على اليُنى التحتية من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي.

كما فضل المستثمرون في أسواق الأسهم الأمريكية التعلق بآمال تعافي الاقتصاد العالمي على التأثر سلبا بالتطورات الجارية في أفغانستان والتباطؤ الذي أظهره الاقتصاد الصيني.

وكان البديل أمامهم هو النظر على عوامل أوسع نطاقا، اكتشفوا أنها في مجملها إيجابية للغاية وأنها حملت البورصة الأمريكية في الاتجاه الصاعد وسط دوامات القلق والتوتر التي شهدتها الأسواق العالمية جراء انتشار فيروس كورونا وإغلاق النشاط الاقتصادي.

5 أسباب

كان العامل الأول هو توالي ظهور تقارير الأرباح الإيجابية للشركات المدرجة في مؤشرات الأسهم الأمريكية، وهي التقارير التي فاقت الأرباح في أغلبها توقعات الأسواق وألقت الضوء على أداء مالي رائع من قبل تلك الشركات. ومن المنتظر على مدار الأسبوع الجاري أن تصدر دفعة جديدة من تقارير أرباح الشركات الأمريكية.

ويشير العامل الثاني إلى الكم الهائل من السيولة الذي توفر في الأسواق بسبب حزم التحفيزي المالي العملاقة التي أطلقتها من الحكومة الفيدرالية، والتي استغلتها الشركات في الإنفاق على النمو الحقيقي عن طريق التشغيل والنمو المالي عن طريق إعادة شراء أسهمها.

ويتمثل الداعم الثالث للارتفاعات الهائلة في الأسهم الأمريكية في الفترة الأخيرة فيما يقدمه للفيدرالي من تحفيز نقدي، إذ يستمر حتى الآن في شراء أصول بقيمة 120 مليار دولار شهريا – 80  مليار مشتريات سندات خزانة أمريكية و40 مليار مشتريات سندات مدعومة عقاريا – وهو الأمر الذي وفر المزيد من السيولة وأكد للمستثمرين في الأسهم الأمريكية أن البنك المركزي مستمر في دعم الشركات حتى تتعافى من الأزمة. خطة بايدن للإنفاق على البُنى التحتية

وكان المحرك الرابع لصعود أسهم وول ستريت إلى مستويات قياسية هو الدفعة القوية التي تلقتها الأسواق من  قطاع التكنولوجيا الذي اعتمد عليه العالم للتغلب على القيود التي فرضت للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا أسهم قطاع التكنولوجيا ارتفعت بواقع 120% من أدنى المستويات التي هبطت إليها مع بداية انتشار الوباء.

ومرر مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي مشروع قانون خطة بايدن العملاقة للإنفاق على البُنى التحتية بقيمة ترليون دولار، وهي الأموال التي ينتظر أن تقدم المزيد من الدعم للشركات الأمريكية من خلال توفير مشروعات تنمية وتطوير للبُنى التحتية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى العامل الخامس الذي ساعد وول ستريت على تحقيق أسرع تعافي في تاريخها.

ورغم تحقيق  الأسهم الأمريكية ارتفاعا محدودا الاثنين، إلا أن هذا الصعود رفعها إلى مستويات قياسية هامة في تاريخ بورصة نيويورك، إذ حقق مؤشر ستاندردز آند بورس 500 ارتفاعا بواقع 100% مقارنة بأدنى مستوى له مع ظهور الوباء عند 2237 نقطة في 20 مارس  2020 في 354 يوم تداول، وهو أقل زمن يستغرقه المؤشر لمضاعفة رصيده من النقاط في تاريخه.

كما حقق المؤشر ارتفاعا بواقع 100.2% مقابل أدنى المستويات الذي انخفض إليها منذ بداية انتشار كوفيد19.

يُذكر أن ستاندردز آند بورس ضاعف أدنى مستوياته إبان أزمة الاقتصاد العالمي عند 676 نقطة في التاسع من مارس 2009 بعد مرور أكثر من 1000 يوم تداول في 27 إبريل 2011.  

تحقق أيضا

النفط

ما الذي يدفع النفط في الاتجاه الصاعد؟

يواصل النفط الصعود منذ مستهل التعاملات اليومية الأربعاء استكمالًا للاتجاه الصاعد القوي الذي تغذيه تطورات …