لا تزال التطورات على صعيد الموقف في شرق أوروبا تتوالى بسرعة ملحوظة سواء على مستوى المواجهات بين أطراف الأزمة أو العقوبات التي تفرضها قوى الغرب على روسيا منذ إعلانها الاعتراف رسميا بمنطقتي دونيستك ولوهانسك الاتفصاليتين في أوكرانيا.
ومنذ عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ظهرت تطورات متلاحقة على صعيد الموقف في هاتين المنطقتين. فبدأت عملية إجلاء رعايا الاتحاد الروسي منهما ثم عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعات مطولا مع مجلس الأمن الوطني للاتحاد الروسي.
ولا تزال تلك التطورات تتلاحق بسرعة حتى الآن، وهو ما أدى إلى ارتفاعات حادة في أسعار النفط العالمية نظرا لما تتمتع به روسيا من ثقل بين كبار الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم.
وظهرت مخاوف حيال أن تطال العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية من صادرات النفط الروسي، مما قد ينشأ عنه تراجع في المعروض العالمي من الخام الأسود، ومن ثم نشاهد المزيد من ارتفاع الأسعار، مما قد يقوض النمو العالمي.
كما أسهم في ارتفاع أسعار النفط العالمية مخاوف أخرى حيال إمكانية أن يؤدي أي صراع عسكري بين طرفي الأزمة إلى اضطرابات في مسار الغاز الطبيعي من شرق أوروبا إلى باقي أجزاء القارة العجوز.
وكانت روسيا العام الماضي هي المورد الأكبر على الإطلاق للغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو ما يجعل التوترات الحالية بين روسيا وأوكرانيا من أهم العوامل التي تدعم الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية.
وتعتمد أوروبا في تدبير 41% من واردات الغاز الطبيعي على روسيا. رغم ذلك، صدر قرار من المستشار الألماني أولاف شولتز الثلاثاء الماضي بتعليق المصادقة على خط الغاز نورد ستريم2.
تطورات ميدانية
وعلى الصعيد الميداني، حشدت روسيا قوات يقدر عددها بحوالي 150000 جندي على حدودها مع أوكرانيا منذ أواخر ديسمبر الجاري.
كما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر قوات في دونيتسك ولوهانسك الثلاثاء الماضي، أي بعد يوم واحد فقط من اعتراف موسكو رسميا باستقلال المنطقتين الانفصاليتين.
وشوهدت دبابات وآليات عسكرية روسية في دونيتسك الثلاثاء الماضي أيضا.
قال وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كيوليبا، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، الأربعاء إن مصنع للكيماويات تم أُخلي من العمالة أثناء الدوام الليلي في إقليم القرم.
وحذر الوزير الأوكراني من أن يكون المصنع قد استهدف بهجوم نُسب إلى الجيش الأوكراني.
وأضاف أن إخلاء هذا المصنع ربما يأتي في إطار المزيد من التصعيد من قبل روسيا التي ضمت إليها إقليم القرم في 2014.
وتابع كيوليبا: “يبدو أن موسكو لن يوقفها شيء عن محاولات إيجاد المزيد من الذرائع التي يمكنها أن تستند إليها في عدوانها”.
وأعلنت روسيا الأربعاء إغلاق حدود أوكرانيا الشمالية الشرقية أمام الطيران المدني، وفقا لإخطار العمليات الجوية الصادر عن هيئة الطيران المدني الروسية.
العقوبات
قالت الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي إنها فرضت عقوبات أيضا على خمس من النخب الروسية الرئيسية وأضافت قيودا على الصفقات الأمريكية المتعلقة بالديون الوطنية لروسيا.
ويُمنع الأمريكيون الآن من ممارسة الأعمال التجارية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في لوهانسك ودونيتسك، بعد أن اعترفت روسيا بهما، وأمرت بإرسال قوات إليهما، لكنها تقول إنه لم يتم نشرها بعد.
ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 27 شخصية ومنظمة روسية، بضمنها مصارف. كما أنه يحد من وصول روسيا إلى أسواق المال الأوروبية – ويوقف أمكانية حصولها على الأموال من بنوك الاتحاد الأوروبي – ويحظر التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمنطقتين الخاضعتين لسيطرة المتمردين.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء ضم شركة نورد ستريم2 أيه جيه، الشركة المشغلة لخط الغاز الروسي الذي يحمل نفس الاسم.
وقال الرئيس الأمريكي، في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض الأربعاء: “اليوم وجهت إدارتي إلى فرض عقوبات على نورد ستريم2 أيه جي وكبار مسؤوليها”.
وشدد بايدن على أن هذا القرار جاء بعد تشاور مع الحكومة الألمانية التي علقت التصديق على خط الأنابيب الروسي قبل يوم واحد من ضم الشركة إلى قائمة الشركات التي تخضع للعقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وأشار إلى أن “هذه الخطوات ما هي إلا جزء من شريحة أولية من العقوبات ردا على الإجراءات التي اتخذتها روسيا في أوكرانيا. وكما أوضحت من قبل، لن أتردد في اتخاذ المزيد من الخطوات إذا استمرت روسيا في التصعيد”.