تنتظر أسواق المال العالمية بيانات التوظيف الأهم والأكثر تأثيرا في حركة السعر التي تلقي الضوء على أوضاع سوق العمل الأمريكي بصفة عامة، مما يجعلها مقياسا لصحة أكبر اقتصادات العالم.
وتتضمن هذه البيانات مؤشرات التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية، ونمو الأجور، ومعدل البطالة، ومؤشرات أخرى ذات صلة بالإنتاجية والمشاركة في القوى العاملة لتوفر صورة واضحة لأوضاع التوظيف في الولايات المتحدة في الشهر الذي يسبق صدورها.
وتشير التوقعات إلى ارتفاع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية الأمريكية إلى 664 ألف وظيفة في مايو الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 266 ألف وظيفة.
وأشارت أيضا إلى هبوط معدل البطالة الأمريكية إلى 5.9% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 6.1%، مما يشير إلى استمرار البطالة في الولايات المتحدة في الاتجاه الهابط.
لكن هذه الدفعة من بيانات التوظيف تتضمن ترجح هبوط في معدل نمو الأجور، وفقا للقراءات الشهرية والسنوية لشهر مايو الماضي لمتوسط الكسب في الساعة، ومتوسط عدد ساعات العمل.
بيانات إيجابية
وتكمن أهمية هذه الدفعة من بيانات التوظيف الأمريكية، التي توفر صورة واضحة لأوضاع سوق العمل الأمريكي في مايو الماضي، في أنها هي الدفعة الأولى التي تظهر عقب إشارة نتائج الاجتماع الماضي للفيدرالي إلى أن هناك حاجة ماسة إلى تقدم سريع وملموس وكبير لأداء النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة حتى يتحرك البنك المركزي يف اتجاه التقييد النقدي (رفع الفائدة والتقليل أو وقف مشتريات الأصول).
كما تزداد أهمية بيانات التوظيف لمايو 2021 في أنها الدفعة الأولى من بيانات سوق العمل الأمريكي التي تأتي بعد إعلان الفيدرالي أنه عازم على وقف شراء سندات الشركات والبدء في إعادة بيع السندات من هذا النوع التي اشتراها بسبب أزمة الوباء، وهو خطة البنك المركزي التي يرى البعض أنها خطوة أولية في الطريق إلى وقف مشتريات الأصول ورفع الفائدة.
وتأتي بيانات التوظيف الأمريكية هذه المرة ليكون لها القول الفصل في تحركات الفيدرالي الذي يعتبرها المعيار الأساسي مع معدل التضخم في تحديد ملامح السياسة النقدية الفيدرالية.
ولن يكون الفيدرالي، حال إعلانه المزيد من التحركات في الاتجاه المضاد للتيسير الكمي، مستندا إلى بيانات التوظيف فقط، إذ أن الدفعات التي توالى ظهرها في الأسابيع القليلة الماضية من البيانات الأمريكية جاء أغلبها في المنطقة الإيجابية، مما يعزز موقف الفيدرالي إذا أقدم على المزيد من وقف أو تقليل مشتريات الأصول.
سيناريوهات بيانات التوظيف
في الجمعة الأولى من كل شهر تنتظر الأسواق أهم بيانات على الإطلاق في المفكرة الاقتصادية فيما يتعلق بحالة الاقتصاد الأمريكي، وهي بيانات التوظيف الرئيسية، لكن على مدار الشهر يظهر عدد من القراءات لمؤشرات يمكننا أن نصفها بمؤشرات التوظيف القبلية التي يمكن من خلال تحليل الأرقام التي تظهرها تكوين صورة واضحة عما ستكون عليه البيانات الأساسية للتوظيف.
ودائما ما يكون هناك اثنين من سيناريوهات بيانات التوظيف الأمريكية؛ أحدهما يتناول العوامل التي تدعم إيجابية هذه البيانات بينما الثاني، السيناريو المعاكس، يشير إلى تدهور في بيانات التوظيف.
ويتضمن سيناريو تحسن البيانات اثني فقط من عوامل دعم التوقعات الإيجابية السائدة في الأسواق؛ هما ارتفاع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادر عن هيئة المعالجة الإلكترونية للبيانات ADP إلى 978 ألف وظيفة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 654 ألف وظيفة.
كما هبطت مطالبات إعانات البطالة الأمريكية إلى مستويات أدنى من 400 ألف مطالبة للمرة الأولى منذ بداية أزمة الوباء العام الماضي.
وتراجع أيضا متوسط الأربع أسابيع لمطالبات إعانات البطالة في الولايات المتحدة إلى 428 ألف مطالبة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 562 ألف مطالبة.
في المقابل، يشير سيناريو التدهور في بيانات التوظيف إلى بعض العوامل التي تدعم قصة التراجع في أداء سوق العمل الأمريكي؛ وهي هبوط مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات الخدمي الصادر عن ISM، وتراجع مكون التوظيف في النسخة الخاصة بالقطاع التصنيعي من نفس المؤشر.
كما هبطت قراءات ثقة المستهلك الأمريكي، سواء الصادرة عن جامعة ميتشيجان أو تلك التي تصدرها كونفرنسبورد. وارتفعت قراءة مؤشر تشالنجر لتسريح العمالة وإلغاء الوظائف في مايو الماضي مع ارتفاع في إجمالي عدد المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية.