سار الارتفاع في أسعار المستهلك الشهر الماضي بوتيرة أسرع، مما يُعد الإشارة الأوضح التي ظهرت في الفترة الأخيرة إلى أن الانخفاض المستمر في معدلات التضخم على مدى العامين الماضيين قد توقف في الأشهر القليلة الماضية، مما ينذر بإمكانية مواجهة الفيدرالي موقفًا لا يُحسد عليه حال تبدد جهوده التي بذلها في خفض التضخم في السنوات الماضية.
وألقى مؤشر التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الضوء على ارتفاع أسعار المستهلك الأمريكي بـ2.3٪ في أكتوبر الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقا للمؤشر الصادر عن وزارة التجارة الأمريكية الأربعاء. جاء ذلك مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ 2.1% فقط في سبتمبر الماضي. على الرغم من ذلك، لا تزال هذه القراءة أعلى بقليل من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2.00%.
مع ذلك، باستثناء أسعار الغذاء والطاقة – الأكثر تذبذبًا بين مكونات الأسعار – ارتفعت القراءة بواقع 2.8٪ الشهر الماضي مقارنة بقراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 2.7٪ بينما يراقب المستثمرون في أسواق المال عن هذه النسخة من المؤشر نظرًا لما توفره من دقة أكثر مقارنة بالنسخة التي لا تستثني تلك المكونات.
وانخفض التضخم بشكل حاد منذ أن بلغ ذروته عند 7.00% في منتصف 2022، وفقًا لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الأكثر مصداقية واعتمادية لدى الفيدرالي بين مؤشرات التضخم. مع ذلك، فقد تراوح معدل التضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بين 2.6% و2.8% على أساس سنوي في الفترة من فبراير الماضي وحتى الشهر الماضي. وظلت الزيادات في أسعار الخدمات مرتفعة، بما في ذلك إيجارات الشقق ووجبات المطاعم والتأمين على السيارات والمنازل.
وقد تدفع هذه القراءة المرتفعة مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التمهل في خفض الفائدة في الاجتماع في ديسمبر المقبل. وقد تلعب بيانات التضخم الشهر المقبل، والتي يصدر بعضها قبل أسبوع من اجتماع البنك المركزي، دورا رئيسيًا في قرار الفائدة.
ومن المرجح أن توفر هذه المؤشرات الكثير من المعلومات التي يحتاج إليها مسؤولو السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي، خاصة ” الذين يميلون إلى خفض الفائدة تدريجيًا، يمكنهم الاعتماد عليها في تعزيز وجهة نظرهم التي تتضمن أنه من الأفضل أن يبطئ البنك المركزي من وتيرة الخفض في الفترة المقبلة. كما قد يدعم معدل التضخم الحالي، باستثناء أسعار الغذاء والطاقة، وجهة نظر أخرى يتبناها بعض أعضاء مجلس محافظي الفيدرالي تدعم التوقف عن خفض الفائدة لفترة.
مؤشرات أخرى
وارتفع مؤشر الدخل الشخصي في الولايات المتحدة بـ0.6% في أكتوبر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.3%، وهو ما فاق توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.3%.
كما ارتفعت قراءة مؤشر الإنفاق الشخصي بـ0.4% في أكتوبر الماضي، وهو ما جاء أدنى من الارتفاع المسجل في الشهر السابق بـ0.6%. لكن القراءة الفعلية جاءت أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى إمكانية الارتفاع بـ0.3%.
وارتفعت مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة في الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر الجاري بـ213000 مطالبة مقابل ارتفاع أكبر بحوالي 215000 مطالبة، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى إمكانية الارتفاع بـ217000 مطالبة.
وتشير التوقعات الحالية إلى أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد يؤيدون خفض الفائدة بـ25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر المقبل ثم التوقف عن الحفض حتى الاطلاع على قدر أكبر من البيانات للحصول على صورة أكثر دقة للأوضاع الاقتصادية للبلاد وكيف يمكن في ضوءها ضبط الأوضاع النقدية.
وتقترب قراءات التضخم على كافة المستويات من الهدف الرسمي للبنك المركزي، لكننا نرجح أنها لم تقترب بعد بالقدر الكافي الذي يبعث على الطمأنينة ويسمح للفيدرالي بمواصلة خفض الفائدة بشكل مطلق.
وأشارت البيانات الصادرة الأربعاء أيضًا إلى استمرار ارتفاع معدلات الدخل الشخصي والإنفاق الشخصي، وهي المؤشرات التي تدعم من جهة أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتمتع بالقدر الكافي من القوة وأنه تنجح بالفعل في تفادي الركود. أما الأمر الثاني الذي ترجحه البيانات هو أن استمرار ارتفاع مستويات الإنفاق الشخصي قد يدعم بطريقة أو بأخرى المزيد من ارتفاع التضخم في الفترة المقبلة.