سجلت بيانات التضخم في أسعار المستهلك في الولايات المتحدة أرقامًا متوافقة مع توقعات الأسواق على مستوى أغلب المؤشرات في أكتوبر الماضي، مما أثار تكهنات بإمكانية أن يبطئ بنك الاحتياطي الفيدرالي من وتيرة خفض الفائدة في الفترة المقبلة حتى يتفادى أي ارتفاعات حادة في الأسعار من شأنها أن تحدث انتكاسة في التقدم الذي أحرزه على صعيد حربه ضد التضخم.
وبالفعل انعكست تلك القراءات على التوقعات التي سادت الأسواق في الفترة الأخيرة لخفض الفائدة، إذ سجلت احتمالات خفض الفائدة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بواقع 25 نقطة أساس 82.3%، وفقا لمؤشر فيدووتش الصادر عن بورصة شيكاجو التجارية.
وكان المحرك الأكثر قوة لارتفاع التضخم في أكتوبر الماضي بين مكونات الأسعار هو أسعار الإسكان، بما في ذلك قيمة الإيجار وأسعار غرف الفنادق من مختلف الفئات، وهي الأسعار التي أٍهمت بحوالي 50% من الزيادة التي شهدتها القراءة الشهرية لمؤشر أسعار المستهلك. وجاءت هذه الزيادة بقيمة 0.4%، وهو ما يساوي ضعف الزيادة المسجلة في أسعار الإسكان في سبتمبر الماضي بـ0.2%.
ورغم الارتفاع الطفيف في التضخم السنوي، لا زلنا نستطيع أن نصف ما بذله الفيدرالي من جهود بانه تقدم كبير انعكس في تراجع القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك من 9.1%، ذروة نمو الأسعار التي سُجلت في يونيو 2022، إلى 2.6%. لكنها لم تصل بعد إلى هدف التضخم الرسمي في حين خفض الفيدرالي الفائدة مرتين بـ75 نقطة منذ سبتمبر الماضي.
الغذاء والطاقة
ارتفعت أسعار الغذاء في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي بواقع 0.2% بعد التقدم بـ0.4% الشهر السابق، مما يلقي الضوء على تباطؤ في نمو هذا المكون من مكونات الأسعار، وهو ما اتضح في هبوط أسعار سلة من الأغذية في مقدمتها أغذية البقالة التي ارتفعت أسعارها بما لا يتجاوز 0.1% في حين هبطت أسعار البيض بواقع 6.4%.
وأشارت القراءات الشهرية لأسعار المستهلك أيضًا إلى هبوط أسعار الجازولين بحوالي 1.00% بينما حققت أسعار الكهرباء ارتفاعًا بحوالي 1.2%، مما يُعد قفزة في الأسعار. كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بـ0.3%.
وارتفعت تكلفة الرعاية الصحية بـ0.3% في أكتوبر الماضي مقابل الارتفاع بـ0.4% في سبتمبر الماضي. وأجرت الحكومة تغييرات على أسعار خدمات وخدمات زيارة المستشفيات. وارتفعت تكلفة خدمات الأطباء بـ0.5% في حين ارتفعت أسعار الأدوية الموصوفة للمرضى بـ0.2%.
على النقيض من ذلك، تراجعت تكلفة التأمين على السيارات بحوالي 0.1%. وارتفعت أسعار الخدمات بصفة عامة الشهر الماضي بحوالي 0.4% على أساس شهري، مما يلقي الضوء على أن قراءة أكتوبر لم تشهد أي تغيير على الإطلاق مقارنة بالشهر السابق.
سياسات ترامب التضخمية
يرى البعض أن سياسات ترامب الاقتصادية ربما تكون سببًا في ارتفاع محتمل للتضخم في الفترة المقبلة، إذ تعتمد بصفة عامة على زيادة التعريفات الجمركية، والتوسع في الإعفاءات الضريبية، وشن حملات على الهجرة غير الشرعية وتوقيف العمالة غير المسجلة من المهاجرين غير الشرعيين.
ومن الطبيعي أن تؤدي التعريفات التجارية وزيادتها المحتملة في فترة ولاية ترامب إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يعود بالتضخم إلى مستويات أعلى. وتستهدف إدارة ترامب فرض المزيد من التعريفات التجارية، خاصة على واردات الولايات المتحدة من الصين.
ومن شأن الخفض الضريبي أيضًا أن يؤدي إلى المزيد من التضخم، إذ من الممكن أن يتراجع الحد الأدنى لاستحقاق الضريبة مع ارتفاع معدلات ضريبة الشركات إلى حدٍ كبيرٍ علاوة على إمكانية إلغاء الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها في الوقت الراهن، إذ كانت تستفيد من إعفاءات كبيرة للبحث والتطوير والاستثمار في العقارات المملوكة لها.
ويتوقع أيضًا أن تبالغ إدارة ترامب تبالغ في تبني المزيد من الإصلاحات لتكون امتدادًا للإصلاحات السابقة التي تحولت إلى قوانين أمريكية معمول بها بالفعل. كما يتوقع أن تعمل إدارة ترامب على إقرار المزيد من خفض ضريبة الشركات من 21% حاليا إلى 15%، مما يجعل الولايات المتحدة واحدة من أقل الدول فرضًا للضرائب للشركات في العالم.
وفي هذه الحالة، من الطبيعي أن تتراجع العائدات الضريبية الأمريكية، مما يجعل الإدارة في حاجة إلى إصدار المزيد من السندات الحومية من أجل تغطية لإنفاق الحكومي، وهو ما ساعد أيضًا على ارتفاع التضخم.
وعن الحملة المرتقبة على المهاجرين غير الشرعيين، العمالة غير المسجلة، تنخفض أعداد العمال في الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكلفة العمالة – الأجور – التي تُعد من بين أهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة التضخم.
رد فعل الأسواق
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2% ، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى نفس الرقم وذلك على أساس شهري.
كما ارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بواقع بـ2.6% مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 2.4%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى 2.6%.
وسجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ0.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت بـ0.3%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى بـ0.3%، وذلك على أساس شهري
وسجلت القراءة السنوية لمؤشر أسعار المستهلك باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في أكتوبر الماضي ارتفاعًا بـ3.3% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 3.3%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى 3.3%.
يواصل الدولار الأمريكي الصعود منذ مستهل التعاملات اليومية الأربعاء بدفعة من التركيز على سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وارتفاع التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي إلى مستويات تتفق مع توقعات الأسواق إلى حدٍ كبيرٍ، وهو ما أثار تكهنات [إمكانية تغيير الفيدرالي سرعة خفض الفائدة في الفترة المقبلة حتى يتفادى أي زيادة كبيرة في نمو الأسعار.
وارتفع داو جونز الصناعي إلى 44133 نقطة بعد إضافة حوالي 222 نقطة أو حوالي 0.5%. كما صعد مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 6005 نقطة بعد مكاسب بحوالي 20 نقطة أو 0.4% دفعته إلى كسر المقاومة القوية عند 6000 نقطة. وارتفع ناسداك100 للصناعات التكنولوجية الثقيلة إلى مستوى 19316 نقطة بعد التناول عن 36 نقطة أو 0.2% مقارنة بإغلاق الجلسة الماضية.
ويبدو أن الذهب قد يستمر في الاتجاه الهابط لبعض الوقت، خاصة وأن بيانات التضخم الأمريكية لم تتجاوز التوقعات دون أن تتمكن من إخضاع الدولار عن طريق توقعات المزيد من خفض الفائدة نظرًا لأن العملة لا تزال متمسكة بتكهنات حيال المزيد من التحسن في أداء الاقتصاد بفعل سياسات ترامب.
وتراجعت العقود الآجلة للذهب إلى 2587 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 2691 دولار للأونصة. وارتفع المعدن النفيس إلى أعلى مستوى له في يوم التداول الجاري عند 2693 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 2583 دولار.