يبدو أن المهمة الأساسية للفيدرالي والأكثر أهمية بالنسبة للأسواق هي استعادة استقرار الأسعار عن طريق خفض التضخم إلى مستوى هدف البنك المركزي أو على الأقل وضعه على أول المسار الصحيح نحو هذا الهدف المحدد بـ 2.00%.
وشهدت الفترة الأخيرة تراجعا في التضخم الأمريكي على مستوى أسعار المستهلكين والمنتجين على حدٍ سواء على مدار عدة أشهر، مما قد يدفع الفيدرالي إلى تبني نظرة مستقبلية مطمئنة حيال التضخم في الفترة المقبلة.
وعلى الصعيد العملي، قد يترجم البنك المركزي اطمئنانه إلى أن الجهود التي قام بها على مدار الماضي – تحديدا منذ مارس 2022 عندما بدأ رفع الفائدة – إلى إجراء حقيقي بالإبطاء من وتيرة رفع الفائدة والاكتفاء بزيادة 25 نقطة أساس فقط على المعدل الحالي مقابل 50 نقطة أضافها البنك المركزي في اجتماعه الماضي.
وحال تحقق تلك التوقعات ورفع الفائدة الفيدرالية بربع بـ 0.25% فقط، قد تبدأ الأسواق التأكد مما كان ظنونا في الاجتماع الماضي للبنك المركزي؛ وهو أن الفيدرالي بدأ دورة التيسير الكمي الذي يقوم على أساس خفض الفائدة. لكن هذه البداية جاءت وفقا للنهج التدريجي الذي تتبناه لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، والذي يقتضي التحرك من التشديد إلى التيسير دون أن يتسبب ذلك في صدمة للأسواق.
ووفقا لهذا السيناريو، قد تكون السلطات النقدية قد بدأت بالفعل في دورة جديدة من السياسة النقدية التيسيرية في الاجتماع الماضي للفيدرالي الذي شهد رفع الفائدة بـ 50 نقطة أساس فقط بعد أربعة اجتماعات رفعت فيها الفائدة بـ 0.75%.
بيانات التضخم الأمريكي
ارتفعت القراءة الأولية لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة في الربع الأخير من 2022 بـ 3.9%، وهو ما يشير إلى ارتفاع أدنى مما سجلته القراءة السابقة بـ4.7%. وكانت توقعات الأسواق تشير إلى ارتفاع المؤشر بواقع 5.3%.
يُذكر أن هذه القراءة أولية قابلة للمراجعة بينما تصدر قراءات نهائية لنفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، وهو المؤشر الذي يعتمد عليه الفيدرالي كأدق البيانات التي تعكس حالة التضخم في الولايات المتحدة، وفقا للبيانات الصادرة الخميس الماضي.
ولم يطرأ أي تغيير على قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ليتوقف عند مستوى 0.1% في ديسمبر الماضي مقابل القراءة التي سجلت نفس الرقم الشهر السابق، وفقا للبيانات الصادرة في يناير الجاري.
وتراجع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي في ديسمبر الماضي بواقع 0.1-% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.1%، وهو ما جاء أدنى من التوقعات التي أشارت إلى 0.0%.
وهبط التضخم السنوي في الولايات المتحدة أيضا إلى 6.5% مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي عند 7.1%، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق.
وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة، سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي ارتفاعا محدودا بـ 0.3% في ديسمبر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.2%، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق أيضا.
وتراجع التضخم السنوي في أسعار المستهلكين باستثناء أسعار الغذاء والطاقة إلى 5.7% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 6.00%، مما يتوافق مع توقعات السوق.
وكشفت البيانات التي نشرها المكتب الأمريكي لإحصاءات العمل أن مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة انخفض إلى 6.2% على أساس سنوي في ديسمبر من القراءة المنقحة بالخفض للشهر السابق عند 7.3%. وخالفت تلك القراءة إجماع التوقعات بهبوط إلى 6.8%.
علاوة على ذلك، تباطأ مؤشر أسعار المنتجين الأساسي السنوي إلى 5.5% خلال الشهر المذكور من قراءة الشهر السابق عند 6.2%، مخالفاً توقعات السوق مرة أخرى.
وعلى أساس شهري، سجل مؤشر أسعار المنتجين بقيمته الأساسية 0.1%، منخفضًا من 0.2% في نوفمبر (تمت مراجعته إلى هبود بواقع 0.4٪).