تنوعت محركات السوق التي وجهت الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية الأربعاء بين إيجابي وسلبي، لكن أبرزها كان قراءات النمو الأمريكي والتصريحات التي أدلى بها كبار صناع السياسة النقدية في منتدى البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية.
وكانت نتيجة صراع الأسواق والشد والجذب بين اتجاهات المخاطرة ارتفاع الدولار الأمريكي، وأداء مائل للسلبية في تعاملات أسهم وول ستريت، وهبوط في عائدات سندات الخزانة الأمريكية والذهب واليورو والإسترليني والعقود الآجلة للنفط.
وانطوت التصريحات التي أدلى بها كبار صناع القرار في البنوك المركزية حول العالم على قدر من التناقض تسبب في حيرة لدى المستثمرين في أسواق المال جاءت جعلت الصراع بين الثيران والدببة في الأسواق يحتدم، لكنه انتهى لصالح الدببة وتراجع أصول المخاطرة لصالح الملاذ الآمن الأول في الأسواق، وهو الدولار الأمريكي.
منتدى المركزي الأوروبي
بينما كرر رئيس الفيدرالي جيروم باول رسالته التي بعث بها إلى الأسواق أكثر من مرة في الفترة الأخيرة، وهي أن التضخم قد يعود قريبا إلى مستوى هدف البنك المركزي المحدد بـ 2.00%، جاءت تصريحات رئيسة مجلس محافظي رئيس مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي في الاتجاه المعاكس بعد أن رجحت أن عصر التضخم المنخفض قد لا يعود ثانية.
وظهر أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا بلغة تحذيرية واضحة تحمل رسالة تتضمن أن البنك المركزي في جعبته إجراءات أكثر قوة لمواجهة التضخم.
وقال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أثناء كلمته أمام منتدى البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية الأربعاء: “هدفنا هو تحقيق مستويات نمو معتدلة”.
وأضاف: “هناك مسار يمكن اتباعه للعودة بالتضخم إلى مستوى 2.00% مع الحفاظ على سوق عمل قوي، لكنه مسار ضيق”.
وتابع: “قطاع الأسر في وضع جيد وكذلك قطاع الشركات”، مؤكدا أن الاقتصاد العالمي بإمكانه تحمل الآثار التي تنتج عن تحركات السياسة النقدية.
وأشار سوق العمل “قوي إلى حدٍ مذهل”، لكنه قال إن “الأحداث التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية، زادت من قوة التحدي الذي يواجهه الفيدرالي أثناء القيام بمهمته”.
وقالت كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الأربعاء أثناء حديثها أمام منتدى البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية: “ربما لن نعود ثانية إلى وقت تسود فيه معدلات تضخم منخفضة”.
وأضافت أن “التحرك بعيدا عن العولمة قد ينهي عصر من التضخم المنخفض”، مؤكدة أن تقديرات التضخم مرتفعة جدا في الوقت الراهن. وأشارت إلى أن “المركزي الأوروبي يمكنه أن يتحرك (نحو رفع الفائدة) تدريجيا، لكن بزوال انعدام اليقين، يمكنه أن يكون أكثر حسما للأمور”.
وربما رأى مراقبون أن كلمة “تدريجيا” تعني استبعاد رئيس المركزي الأوروبي لرفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، لكن ذلك مجرد تكهنات، إذ أسهمت اللغة التي استخدمتها لاجارد في التقليل من أهمية تلك التوقعات.
مخاوف الركود
كانت قراءات النمو الصادرة الأربعاء من أهم العوامل السلبية التي أدت إلى تدهور شهية المخاطرة بعد أن عززت مخاوف الركود التي تجتاح الأسواق في الفترة الأخيرة.
وراجع المكتب الأمريكي للتحليل الاقتصادي نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للولايات المتحدة إلى -1.6٪ في الربع الأول من 2022 مقارنة بالقراءة الأولية التي سجلت 1.5٪.
وتراجعت الأسهم في وول ستريت في نهاية جلسة الأربعاء متأثرة بتراجع قراءة النمو الأمريكي في الربع الأول من العام الجاري، وفقا للقراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي.
وهبط مؤشر ستاندردز آند بورس500 إلى 3818 نقطة بعد أن خسر حوالي ثلاث نقاط أو 0.07% كما تراجع ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة إلى مستوى 11177 بخسائر بحوالي أربع نقاط أو أقل من 0.1%.
وتراجعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بسبب تصاعد مخاوف الركود التي تسيطر على الأسواق في الفترة الأخيرة، والتي تعززت بقراءات النمو الأمريكية عن الربع الأول من العام الجاري، وفقا للبيانات الصادرة الأربعاء.
وتراجعت العقود الآجلة للذهب بضغط من ارتفاع الدولار الأمريكي الذي تلقى دعما من إعلان رئيس الفيدرالي جيروم باول ثقته بالاقتصاد الأمريكي، خاصة سوق العمل في الولايات المتحدة.