في اليوم التالي لإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، حل المستشار الألماني أولاف شولتز حكومته الائتلافية المكونة من الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر والديمقراطيين الأحرار، وقدم موعد الانتخابات الألمانية التي كان من المقرر إجراؤها في سبتمبر 2025. وتركت هذه الإجراءات السياسية هذا ألمانيا بدون حكومة في وقت يعتقد فيه كثيرون في الاتحاد الأوروبي أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن القضايا الاقتصادية والأمنية في البلاد. لكن الواقع هو أن الكثير لن يتغير بعد الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير 2025.
وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن الحكومة المقبلة من المرجح أن تكون ائتلافًا كبيرًا من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي. وقبل تولي أنجيلا ميركل منصب المستشارة في عام 2005، لم يكن هناك سوى ائتلاف كبير واحد في تاريخ الجمهورية الألمانية. ولكن منذ ذلك الحين، أصبح الائتلاف هو القاعدة ــ فقد قادت ميركل ائتلافًا حاكمًا كبيرًا خلال فترات ولايتها الأربعة.
ولكن حتى عندما لا تكون الحكومة ائتلافاً كبيراً من الناحية الفنية ــ كما في حالة ائتلاف شولتز، الذي لم يضم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ــ فتستمر الحكومة في العمل وكأنها ائتلاف حاكم على نطاق واسع. ويرجع هذا إلى طبيعة توزيع السلطة في النظام السياسي الألماني: على سبيل المثال، يتألف مجلس الشيوخ من حكومات الولايات الست عشرة في ألمانيا. والواقع أن جمود البلاد يكون هيكليًا في أغلب الأحوال. وعلى أية حال، هناك إجماع على كل شيء تقريبًا على مستوى أهداف السياسة الألمانية، وهو ما يؤدي إلى أن أي تغييرات في السياسة قد تنتج عن تغيير الحكومات على الأرجح لا تكون “تغييرات جذرية”.
الأخبار الجيدة قد تكون في إمكانية أن يضع الائتلاف الحاكم الجديد إلى كبح جماح الدين الألماني عن طريق خفض الدين العام وتقليص عجز الموازنة. وسبق قدم مثل هذا الائتلاف للمرة الأولى في 2009 عندما كانت مركيل تترأس الائتلاف الحاكم. وكان المقترح الذي استهدف تقليص الدين وعجز الموازنة يتطلب ثلثي أصوات أعضاء البرلمان الألماني إدراجه في الدستور وأغلبية بالثلثين أيضًا لحذفه من دستور البلاد. وكان نظام كبح الديون كارثيا بالنسبة لألمانيا وبقية أوروبا لأنه حال دون ضخ الاستثمارات بالمستويات المطلوبة في كل شيء من البنُى الأساسية إلى التعليم إلى الدفاع. وفي 2011، عندما بدأت أزمة أزمة اليورو، نجحت ميركل أيضا في إقناع بقية الاتحاد الأوروبي بالموافقة على تبني نسخة من نظام كبح الديون الألماني.
الأزمة السياسية
عقب انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار الألماني أولاف شولتز بسبب خسارة الائتلاف الأغلبية البرلمانية. ودفع ذلك الموقف شولتز إلى طلب التصويت على الثقة في حكومته، وبالفعل خسرت الحكومة بعد أن صوت البرلمان لصالح حجب الثقة عنها في 16 ديسمبر 2024، وهو ما كان يستهدفه بالفعل كمسوغ لأن يطلب من رئيس ألمانيا حل البرلمان الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة.
أعلن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة يوم 23 فبراير/شباط المقبل. وقال شتاينماير في برلين اليوم الجمعة (27 كانون الأول/ديسمبر 2024) إنه في الأوقات الصعبة مثل الآن، يتطلب الاستقرار حكومة فعالة وأغلبية موثوقة في البرلمان.
وتنص المادة 68 من الدستور الألماني على أنه يمكن للرئيس الاتحادي حل البرلمان بناء على اقتراح المستشار إذا خسر الأخير تصويت الثقة، وذلك في غضون 21 يوماً من تقديم الاقتراح. كما تنص المادة 39 على وجوب إجراء انتخابات مبكرة خلال 60 يوماً من حل البرلمان.
تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الألماني يحتل مكانًا بارزًا في أجندات الأحزاب السياسية الألمانية التي تتنافس على مقاعد البرلمان في ألمانيا، اكبر اقتصادات منطقة اليورو، في فبراير المقبل.
فعلى سبيل المثال، يخطط تحالف حزبي حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي لاقتصاد حر أكثر من قبل. ويتضمن ذلك خفض ضريبة الدخل والضرائب على الشركات تدريجياً إلى 25.00%. كما يعد الحزبين، الاتحاد المسيحي الديمقراطي / الاتحاد الاجتماعي المسيحي ومعهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعدم خفض المعاشات التقاعدية ويتعهدان للناخبين بأن يتمكن الذين يرغبون في مواصلة العمل بعد سن التقاعد من تحقيق دخل يصل إلى 2000 يورو إضافية معفاة من الضرائب.