أعلنت روسيا رسميا الانسحاب من اتفاق الحبوب الأوكرانية الذي تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، والذي سمح منذ حوالي عام بنقل عشرات ملايين الأطنان من المواد الغذائية إلى مناطق عدة حول العالم عبر موانئ البحر الأسود.
وأكد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا أوقفت العمل بالاتفاق وأنها لن تتعاون بعد ذلك في دعم ما ينص عليه. وانتقدت موسكو تركيا والأمم المتحدة – الوسطاء الأساسيين في الاتفاق الذي أُبرم العام الماضي – مؤكدة أن العقوبات الاقتصادية التي تخضع لها روسيا تزامنا مع اتفاق الحبوب الأوكرانية كانت سببا في عرقلة انفاق موازي آخر يسمح بالسداد والتأمين والشحن لصادرات موسكو الزراعية.
وأضاف أن موسكو سوف تستأنف الالتزام بالاتفاق “بمجرد أن “تُفعل الاتفاقيات ذات الصلة”. الخاص بالسداد لروسيا” في أكد دبلوماسي غربي ومسؤول بالأمم المتحدة أكدا أن روسيا قالت إنها سوف تنسحب من الاتفاق.
وكرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من مناسبة انتقاده لما اعتبره عدم احترام أجزاء أساسية من الاتفاق من شأنها أن تسمح بتصدير الأغذية والأسمدة الروسية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الاتفاق وصل إلى نهايته “بحكم الأمر الواقع”.
وسمح هذا الاتفاق بتصدير 33 مليون طن من الأغذية الأوكرانية منذ أغسطس الماضي، نُقل أكثر من نصفها إلى دول فقيرة، وفقا للجنة تنسيقية تم تشكيلها للإشراف على تنفيذ الاتفاق.
ويرى محللون أنه إذا توقف العمل باتفاق الحبوب الأوكرانية، لن يكون أمام أوكرانيا بديل إلا نقل الحبوب عبر الحدود البرية إلى نهر الدانوب، مما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع تكلفة تصدير المواد الغذائية لينعكس على الأسعار العالمية للغذاء. كما يمكن أن يؤدي ارتفاع تكلفة التصدير إلى تراجع في أرباح المزارعين الأوكرانيين، وهو ما قد يثنيهم عن زراعة المزيد من الحبوب والمحاصيل الغذائية في الموسم المقبل.
وهذه هي المرة الثانية التي تنسحب فيها روسيا من اتفاق الحبوب الأوكرانية، إذ انسحبت موسكو من قبل من هذه الاتفاقية في نوفمبر الماضي، لكنها عادت إلى الانضمام إليها مرة ثانية بعد يوم واحد من الانسحاب بضغط من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما اشتكت روسيا مرارا من أن العقوبات الغربية تقيد صادراتها الزراعية. وهدد بوتين في عديد المرات بالانسحاب من الاتفاق.
وجددت وزارة الخارجية الروسية يوم الاثنين هذه الشكاوى، متهمة الغرب بـ”التخريب المستمر” و “بالأنانية” وتقديم المصالح التجارية للاتفاق قبل أهدافه الإنسانية.
وفي ردود الفعل الدولية على القرار الروسي، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن مئات الملايين في العالم “سيدفعون ثمن” قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
وصرح أنطونيو جوتيريش للصحافيين قائلا “آسف بشدة لقرار روسيا الاتحادية إنهاء تطبيق مبادرة البحر الأسود، بما يشمل سحب الضمانات الأمنية الروسية للملاحة في شمال غرب البحر الأسود”.
وأضاف أن المشاركة في هذا الاتفاق “هي خيار. لكن الناس الذين يواجهون صعوبات في كل مكان والدول النامية لا خيار لديهم”.
وشدد على أن “مئات ملايين الأشخاص يواجهون الجوع، فيما يواجه المستهلكون أزمة عالمية لكلفة الحياة”.
من جهتها، نددت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد بما اعتبرته “عملا وحشيا جديدا” من جانب موسكو.
وقالت غرينفيلد للصحافيين “في وقت تمارس روسيا ألعابا سياسية، فإن أناسا فعليين سيعانون”، متهمة موسكو بـ”احتجاز الإنسانية رهينة”.
من جانبها، دانت باريس قرار روسيا الانسحاب من اتفاق الحبوب الأوكرانية، مطالبة موسكو ب “وقف ابتزازها للأمن الغذائي العالمي”.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية في بيان “روسيا وحدها مسؤولة عن عرقلة الملاحة في هذا المجال البحري وتفرض حصارا غير قانوني على الموانىء الأوكرانية”، مطالبة روسيا ب”التراجع عن قرارها”.