تواجه أوروبا مهمة شاقة لإعادة بناء مخزونات الغاز في العام المقبل مقارنة بهذا الشتاء، مما يعني أنه من المرجح أن تظل فواتير الطاقة مرتفعة وقد تضطر الحكومات إلى تنفيذ إجراءات تقنين مؤلمة تجنبتها حتى الآن.
كانت إمدادات الغاز الروسية التي كانت مهيمنة في السابق، قد انخفضت بشكل كبير منذ أواخر أغسطس الماضي، ما عكس أن مهمة إعادة تعبئة مخزوناتها ستكون أصعب بكثير مما سبق.
كما أن تكلفة شراء الغاز في السوق المفتوحة بدلاً من العقود التي يتم التفاوض عليها بأسعار مواتية سيكون من الصعب تحملها على الحكومات التي أضعفتها أشهر تكاليف الطاقة الباهظة التي دفعت التضخم إلى أعلى مستوياته في عدة عقود.
وكان قد نجح الاتحاد الأوروبي خلال العام في ملء الاحتياطيات إلى ذروة 96% – ممتلئة في نوفمبر لمحاولة ضمان إمدادات شتوية كافية.
علاوة على ذلك، تمكنت البلدان أيضاً من تقييد الاستخدام خلال الطقس المعتدل بشكل غير عادي، لكن موجة البرد الطويلة هذا الشهر حولت تركيز الحكومات إلى حجم المهمة التي تنتظرهم.
قالت وكالة الطاقة الدولية إن أوروبا قد تواجه عجزًا بنحو 30 مليار متر مكعب في الشتاء المقبل ، أي ما يعادل حوالي 7٪ من الطلب في عام 2021.
ومن جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية إن أوروبا قد تواجه عجزًا بنحو 30 مليار متر مكعب في الشتاء المقبل، أي ما يعادل حوالي 7٪ من الطلب في عام 2021.
المناخ والأسعار تحدد معدلات الطلب
يرى المحللون إن تكلفة الطاقة جعلت البلدان تركز على تقليل استهلاك الغاز، الذي انخفض بنحو الربع في أكتوبر ونوفمبر على أساس سنوي، من خلال مجموعة واسعة من التدابير مثل تبديل الوقود والكفاءة وتقليص الإنتاج، وسط اعتقاد البعض أن التركيز سيستمر على التخفيضات في جانب الطلب العام المقبل.
فعلى سبيل المثال، قالت شركة مرسيدس-بنز الألمانية العملاقة للسيارات إنها قد تخفض استخدام الغاز بنسبة تصل إلى 50% هذا العام باستخدام المزيد من الكهرباء المتجددة بينما يقوم تجار التجزئة في جميع أنحاء أوروبا بإطفاء الأنوار وإيقاف شاشات الإعلانات.
كما يعزو تراجع كبير إلى القطاعات الصناعية التي اضطرت إلى الحد من الإنتاج، لأن أسعار الغاز المرتفعة تجعل الإنتاج غير اقتصادي مع قيام بعض الشركات بتحويل الإنتاج إلى مناطق ذات طاقة أرخص.
ومن جانبهم، أشار الاقتصاديون إلى أن ما زالت التوقعات تعكس انخفاض في الطلب على الغاز الصناعي بسبب النشاط الاقتصادي المنخفض والذي سيظهر جلياً في عام 2023 إذا انخفضت الأسعار، ولكن كلما طال ارتفاع الأسعار، زادت احتمالية أن الشركات ستعمل بشكل دائم في الخارج على إنتاجها كثيف الغاز.
هذا ويعتمد مقدار الطلب الذي يمكن خفضه بشكل كبير على الطقس وكذلك على السعر. فمع انخفاض درجات الحرارة في أوروبا في وقت سابق من هذا الشهر، قالت هيئة تنظيم الطاقة الألمانية، وكالة الشبكة الفيدرالية، إن أكبر مستهلك للغاز في أوروبا عجز عن تحقيقه أهدافه الخاصة بتوفير الغاز للمرة الأولى.