كان قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بمثابة صدمة في الأسواق المالية، مما أثار المخاوف بشأن الموارد المالية العامة المتوترة بالفعل ومستقبل أجندته الداعمة لقطاع الأعمال.
ردود أفعال السوق:
تم الإعلان عن عمليات البيع المكثفة في الأصول الفرنسية يوم الاثنين ويطالب المستثمرون بعوائد أعلى على السندات الفرنسية مقارنة بالسندات الألمانية، وانخفض مؤشر كاك 40 للأسهم في باريس بنسبة 2.4%، كما انخفضت أسهم البنوك الفرنسية الكبرى بنسبة تصل إلى 9%. بالإضافة إلى ذلك، انخفض اليورو إلى أدنى مستوى له خلال شهر.
سياسات ماكرون الاقتصادية على المحك:
تخضع سياسات ماكرون الاقتصادية الآن لمزيد من المراجعة والتدقيق، وهي نفس السياسات التي سبق أن منحت قدرًا من الطمأنينة للمستثمرين والشركات منذ توليه منصبه في عام 2017، ، ويبدو أنه إذا فقد ماكرون السيطرة على البرلمان والحكومة، فإن معالجة العجز في الميزانية سوف تصبح مهمة أكثر صعوبة. ومؤخرا خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لفرنسا، وتوقعت عجزًا يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2027.
وتنتقد هيئة الرقابة المالية في فرنسا أداء إدارة ماكرون على خلفية الافتقار إلى التماسك والمصداقية في استراتيجية العجز، في حين يدعو صندوق النقد الدولي إلى بذل جهود إضافية.
عدم اليقين في السياسات وجهود الإصلاح: ترددت في أوروبا تحذيرات من أن ماكرون يخاطر بالسياسة الداخلية، مما قد يؤدي إلى تعطيل جهود الإصلاح وعلى الرغم من الإنفاق المرتبط بالجائحة، أعطى ماكرون الأولوية للإصلاحات الداعمة للنمو في معاشات التقاعد، وقوانين العمل، والرعاية الاجتماعية، ولكنه يواجه مقاومة في البرلمان واحتجاجات في الشوارع، خاصة بعد خسارته أغلبيته المطلقة في الجمعية الوطنية عام 2022، وبالتالي؛ وجهت انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة ضربة أخرى لقيادة ماكرون.
الانتخابات الفرنسية وتأثيرها على اليورو
في تحول دراماتيكي للأحداث، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد هزيمته أمام اليمين في انتخابات الاتحاد الأوروبي ولهذه الهزيمة آثار كبيرة على كل من فرنسا والاتحاد الأوروبي الأوسع.
وحصل حزب التجمع الوطني، بقيادة مارين لوبان وجوردان بارديلا، على أكثر من 30% من الأصوات، أي ضعف ما حصل عليه حزب النهضة الوسطي الذي يتزعمه ماكرون ويشير انتصار اليمين إلى تحول في السياسة الفرنسية ويمكن أن يؤثر على القرارات السياسية داخل الاتحاد الأوروبي.
يمين الوسط يقوي قبضته:
لا يختلف المشهد كثيرًا الآن خارج فرنسا، فقد ظهرت أحزاب يمين الوسط باعتبارها الفائز في مختلف أنحاء أوروبا وتمكنت تلك الأحزاب من تعزيز أغلبيتها في البرلمان الأوروبي، بانتصاراتهم في ألمانيا، واليونان، وبولندا، وإسبانيا والجدير بالذكر أن اليمين يحقق تقدمًا كبيرًا في المجر، وتحدوا رئيس الوزراء الذي هيمن لفترة طويلة على الساحة السياسية فيكتور أوربان وشددت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية المنتمية إلى يمين الوسط، على أن الوسط لا يزال مستقرًا ومن المتوقع أن يستمر حزب الشعب الأوروبي، وهو مجموعة يمين الوسط المهيمنة، في التعاون مع الاشتراكيين والديمقراطيين ومجموعة التجديد الليبرالية.
مرونة اليورو:
على الرغم من صعود اليمين، لم يشهد اليورو تقلبات كبيرة وظلت الأسواق ثابتة بشكل عام، مما يعكس الثقة في استقرار اقتصاد منطقة اليورو، إلا أن الانتخابات الفرنسية أعادت تشكيل المشهد السياسي في أوروبا ورغم أن مكاسب اليمين ملحوظة، فإن استمرار قوة يمين الوسط يضمن الاستقرار وبينما يبحر الاتحاد الأوروبي في ظل هذه التغييرات، يظل اليورو صامدًا، ولكن صناع السياسات سوف يواصلون مراقبة التطورات عن كثب.
التداعيات على الأسواق المالية:
قد لا تحقق الانتخابات الجديدة في نهاية الشهر أغلبية واضحة، مما يعقد الجهود المبذولة للعودة إلى المسار الصحيح وتستطيع مارين لوبان تأمين الأغلبية التي تنهي بشكل نهائي قيادة ماكرون الاقتصادية، وارتفعت أسعار السندات بشكل ملحوظ، مما أدى إلى اتساع الفارق مع السندات الألمانية ويعكس أداء اليورو حالة من عدم اليقين، حيث يراهن المتداولون على خفض معدلات الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي.
وفي حين تمكن فريق ماكرون من تنفيذ تخفيضات في الإنفاق، فإن أوضاع العجز الحالي تظل مثيرة للقلق ومن الممكن أن تؤدي الأغلبية اليمينية في البرلمان إلى عرقلة خطط الإصلاح بشكل أكبر، مما يؤثر على الاستقرار المالي في فرنسا ومن المنتظر أن تكون الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة للمستثمرين والاقتصاد الفرنسي مع تطورات المشهد السياسي.
كيف يمكن أن تؤثر الانتخابات المبكرة على الشركات الفرنسية؟
يمكن أن يكون تأثير الانتخابات المبكرة في فرنسا على الشركات الفرنسية متعدد الأوجه؛ فيما يلي بعض الآثار المحتملة:
عدم اليقين في السياسات: قد يواجه قادة الأعمال حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية المستقبلية. واعتماداً على نتيجة الانتخابات، قد تكون هناك تحولات في اللوائح والسياسات الضريبية والاتفاقيات التجارية، مما يؤثر على العمليات التجارية.
مناخ الاستثمار: قد تتراجع ثقة المستثمرين بسبب عدم الاستقرار السياسي وقد تتردد الشركات التي تسعى إلى الاستثمار أو التوسع، مما يؤثر على تدفقات رأس المال وآفاق النمو.
التأثيرات حسب القطاع: قد تواجه القطاعات المختلفة تأثيرات مختلفة. على سبيل المثال، هناك الخدمات المالية فمن الممكن أن تكون البنوك والمؤسسات المالية أكثر حساسية للتغيرات في معدلات الفائدة والسياسات المالية وتقلبات السوق، وفيما يتعلق بالصناعات المعتمدة على التصدير، قد تتأثر الشركات التي تعتمد على الصادرات بتقلبات العملة والعلاقات التجارية، وفي قطاع الطاقة والبيئة؛ يمكن للسياسات المتعلقة بانتقال الطاقة واللوائح البيئية أن تؤثر على شركات الطاقة والمبادرات الخضراء.
وعلى صعيد سوق العمل والتوظيف؛ يمكن لأصحاب الأعمال مراقبة أي تغييرات تشريعية لسياسات العمل عن كثب ويمكن أن تؤثر التغييرات في قوانين العمل أو لوائح القوى العاملة على ممارسات التوظيف والأجور ومزايا الموظفين.
قد يؤدي عدم اليقين السياسي إلى تعطيل سلاسل التوريد، مما يؤثر على الإنتاج والتوزيع، كما قد تواجه الشركات التي لديها عمليات عبر الحدود تحديات لوجستية، وعلى مستوى معنويات المستهلك، فمن الممكن أن تؤثر الانتخابات على ثقة المستهلك وقد تشهد الشركات في مجال البيع بالتجزئة والضيافة والخدمات تقلبات في الطلب بناءً على معنويات المستهلك.
مؤشر ثقة الأعمال: قد تعكس الدراسات الاستقصائية التي تقيس ثقة الأعمال التحولات في المشاعر. ومن الممكن أن يؤدي انخفاض الثقة إلى اتخاذ قرارات استثمارية حذرة، وبعبارة موجزة؛ سوف تشكل نتيجة الانتخابات بيئة الأعمال في فرنسا وفي حين أن بعض الشركات قد تتكيف بسرعة، فقد يواجه البعض الآخر تحديات في التعامل مع تغييرات السياسة وديناميكيات السوق، وعلى مستوى حذر المستثمرين؛ قد يعتمد المستثمرون نهجا حذرا حتى يكون هناك وضوح بشأن نتائج الانتخابات والسياسات اللاحقة.
نور تريندز / مستجدات أسواق / أسواق الأسهم العالمية / الانتخابات الفرنسية المبكرة تهز ثقة المستثمرين في الاقتصاد
كلمات دلاليةأحزاب اليمين ألمانيا إسبانيا الانتخابات الفرنسية البنك المركزي الأوروبي السندات الحكومية ثقة المستثمرين ماكرون
تحقق أيضا
الدولار/ ين على خطى عائدات السندات الأمريكية هبوطًا
أظهر الدولار الأمريكي قدرًا كبيرًا من الضعف مقابل أغلب العملات الرئيسية بسبب بيانات التضخم التي …