من المتوقع على نطاق واسع أن تركز نتائج اجتماع الفيدرالي الماضي أن تركز التطورات على صعيد التضخم وتوازن النمو مع إمكانية أن نشاهد إشادة بجهود اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي تمكنت من خفض التضخم دون المساس بالنمو في الولايات المتحدة.
وتأتي هذه النتائج في فترة يحدد فيها المستثمرون مراكزهم على أساس ما يعلنه الفيدرالي من معلومات تساعد في التعرف على المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية، أو بالأحرى التي تساعد في الإجابة على السؤال الذي يحير جميع مراقبي أسواق المال حول العالم؛ “متى يبدأ الفيدرالي خفض الفائدة؟”.
ومن المؤكد أن النهج الذي يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي على صعيد تحركات الفائدة سوف يكون انعكاسًا للبيئة الاقتصادية المعقدة التي تسود اقتصاد الولايات المتحدة، والتي تتضمن تضخم آخذ في الهبوط مع تحسن في أوضاع سوق العمل مع احتفاظ البلاد بتقدم ملحوظ على صعيد النمو. ومع تجاوز معدلات التضخم التوقعات، والانخفاض الملحوظ في مبيعات التجزئة في بداية العام، يسود قدر كبير من التعقيد عملية صنع القرار لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بخفض الفائدة. ولا يمثل هذا التعقيد تحديًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي فحسب، بل يُعد أيضًا من العوامل التي تثير حالة من الحذر بين المستثمرين في الأسواق، وهو ما يجعل الأسواق في حالة من الترقب على نطاق واسع لنتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
هل سيطر الفيدرالي على التضخم؟
ومن المعروف أن الأساس الذي تقوم عليه استراتيجية بنك الاحتياطي الفيدرالي في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية هو السيطرة على التضخم دون تيسير السياسة النقدية قبل التأكد من استمرار الأسعار عند نفس المستويات المنخفضة. وبالفعل، نجح البنك المركزي في السيطرة على الأسعار منذ أن بدأ الدورة الحالية من التشديد الكمي في مارس 2022، لكن المعدل الحالي لا يزال يتجاوز هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي بفارق كبير. ويؤكد هذا الوضع حاجة الفيدرالي إلى تحقيق التوازن بين كبح جماح التضخم دون أن يتعرض النمو الاقتصادي للتباطؤ. على ذلك، لن يكون النهج الحذر، كما أكد رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، استجابة للظروف الاقتصادية الحالية فقط لكنه سيكون أيضًا إجراء وقائيًا ضد أي زيادة محتملة في الضغوط التضخمية.
وكانت استجابة السوق للموقف الحذر الذي اتخذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في الاجتماع الماضي واضحة. ويشير التحول في توقعات الاقتصاديين، التي ترجح أن خفض الفائدة قد يبدأ في وقت لاحق من عام 2024، إلى عودة التوقعات السائدة إلى التوافق مع سياسة الاحتياطي الفيدرالي. ويعكس الانخفاض الكبير في احتمالية خفض الفائدة على المدى القريب، خاصة في شهري مارس ومايو المقبلين، توقعات السوق للتيسير الكمي في وقت قريب. وكان لتغير تلك التوقعات تأثيرًا ملموسًا على أسواق المالي، إذ شهد مؤشر داو جونز الصناعي انخفاضًا ملحوظًا في 13 فبراير/ شباط. ويسلط رد الفعل هذا الضوء على حساسية السوق لتوقعات أسعار الفائدة والقرارات السياسية التي يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ماذا بعد؟
يبدو أن الطريق إلى خفض الفائدة سيكون طويلا وأن إجراء الحفض قد يكون تدريجيا إلى حدٍ يفوق توقعات الأسواق، مما يشير إلى إمكانية ألا نشاهد الكثير من قرارات الخفض في 2024. ووسط توقعات بأن أغلب قرارات الخفض المحتملة قد تكون في النصف الثاني من العام الجاري، نرجح أن ذلك يتوافق واستراتيجية بنك الاحتياطي الفيدرالي لضمان انخفاض مستمر في التضخم قبل التحول إلى التيسير الكمي. لذلك ، من المرجح أن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سوف يكون حاسما فيما يتعلق بإلقاء المزيد من الضوء على توقعات المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية.