يعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي قرارات السياسة النقدية الأربعاء المقبل بعد نهاية اليوم الثاني والأخير من اجتماعه الشهري وسط توقعات بأن يبدأ البنك المركزي الإسراع من وتيرة الاتجاه إلى التشديد الكمي مستبدلا بتلك السياسة النهج السابق للسياسة النقدية الذي اعتمد بصفة أساسية على التيسير الكمي.
وتتضمن الإجراءات المتوقع أن يعلن عنها الفيدرالي رفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس أو 0.5% ليصل المعدل الأساسي للفائدة الفيدرالية إلى 1.00%.
وقد تتضمن حزمة قرارات السياسة النقدية أيضا الإعلان عن البدء الفعلي في ضبط كشوف الموازنة الذي يتضمن إعادة بيع مشتريات الأصول التي نفذها الفيدرالي في السنوات القليلة الماضية.
يأتي ذلك بعد قرار البنك المركزي بوقف برنامج شراء الأصول، وهو ما يشير إلى اكتمال دائرة التشديد الكمي التي تتضمن إجراءات وقف شراء الأصول، ورفع الفائدة، وضبط كشوف الموازنة.
ولا يتوقع ألا تنطوي قرارات الفيدرالي على مفاجأة للأسواق، إذ تتوقع الأسواق الزيادة في معدل الفائدة بأقصى سرعة ممكنة وإعلان البدء في إعادة بيع سندات الخزانة الأمريكية والسندات المدعومة بأصول، وهي التوقعات التي تستند إلى تصريحات عدد من مسؤولي الفيدرالي التي توالى ظهورها منذ الاجتماع الماضي للجنة السوق الفيدرالية المفتوحة.
ويأتي في مقدمة هؤلاء المسؤولين رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي أدلى بتصريحات تعزز من توقعات الإسراع من وتيرة التشديد الكمي.
وقال باول، في ندوة انعقدت برعاية صندوق النقد الدولي في واشنطن في 21 إبريل الماضي، إن “رفع الفائدة في بواقع 50 نقطة أساس سوف يكون من الخيارات المطروحة على الطاولة في اجتماع الفيدرالي”.
كلمة السر “التضخم”
على مدار أكثر من عامين، يظل التضخم هو المحرك الأساسي للسياسة النقدية في البنوك المركزية الرئيسية حول العالم، خاصة في الفترة الأخيرة التي بدأ فيها العالم يشعر بالأمان بعض الشيء بسبب انحسار أثر فيروس كورونا.
لكن تلك الفترة هي نفسها التي شهدت ارتفاعات حادة وقفزات في الأسعار، على مستوى أسعار المستهلكين والمنتجين، في الفترة الأخيرة نظرا لتعدد الأسباب التي تدفع بالتضخم إلى أعلى المستويات في حوالي 40 سنة.
وكانت أبرز تلك الأسباب اختناقات المعروض، واضطرابات سلاسل التوريد للسلع والخدمات والغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير الماضي.
ولم تكون الولايات المتحدة باستثناء من قاعدة الارتفاع الجنوني في معدلات التضخم، وهو ما دفع باول، أثناء حديثه أمام لجنة من صندوق النقد الدولي في واشنطن، إلى التأكيد على أنه “من الضروري للغاية أن نحقق استقرار الأسعار”.
وقال باول: “هدفنا هو أن نستخدم أدواتنا من أجل استعادة التوازن بني الطلب والعرض دون أن نصل إلى الركود”.
وأضاف أن رفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس حظي برضا أغلب أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة أثناء الاجتماع السابق للفيدرالي، لكنه لم يوضح موقفه هو نفسه شخصيا من رفع الفائدة وحجم التحرك بالمعدل الأساسي.
وعلى صعيد ضبط كشوف موازنة الفيدرالي، قالت لايل براينارد، نائبة رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إن المرة الأخيرة التي شهدت فيها كشوف موازنة الفيدرالي ضبطا كانت في الفترة من 2017 إلى 2019 وكانت بسرعة 50 مليار دولار شهريا.
وأشارت نتائج الاجتماع الماضي للجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى أن أغلب أعضاء اللجنة دعموا، في الاجتماع الذي انعقد في 15 و16 مارس 2022، تقليص كشوف موازنة البنك المركزي بواقع 95 مليار دولار شهريا.
يُذكر أن الاتجاه القوي إلى التشديد الكمي، الذي تشير إليه التوقعات، لن يكون مفاجئا للأسواق حال اتخاذ الفيدرالي تلك القرارات لأن الأسواق باتت تثمنها جيدا وسط تزايد الحديث عنها في الفترة الأخيرة في أروقة السلطات النقدية.