تترقب أسواق المال قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي والتوجه المستقبلي للبنك المركزي علاوة على تصريحات رأس السلطات النقدية في الولايات المتحدة جيروم باول الأربعاء المقبل، وهي الأحداث التي تحتل الجانب الأكبر من الأهمية في أسواق المال تظهر تأثيرا قويا في الأسواق منذ بداية تعاملات الأسبوع الجاري.
وتأتي تلك الأحداث الهامة وسط توقعات بأن تبدأ لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة في مناقشة الإسراع من وتيرة خفض مشتريات الأصول بهدف التصدي للارتفاعات الحادة في معدل التضخم.
وهناك عدة عوامل قد تدعم التوقعات بأن يبدأ الفيدرالي في مناقشة إمكانية الإسراع من وتيرة خفض مشتريات الأصول مع بداية العام الجديد.
وتتنوع تلك العوامل بين بيانات اقتصادية، وتيار سائد على صعيد السياسة النقدية، وتصريحات سابقة لرئيس الفيدرالي، علاوة على تقديرات وتوقعات اقتصادية صدرت عن أقسام أبحاث السوق في مجموعات مالية عالمية كبرى.
البيانات الاقتصادية
أظهرت أسعار المنتجين الأمريكية ارتفاعات قياسية في نوفمبر الماضي، مما يزيد من مخاوف تصاعد الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة.
وارتفعت أسعار المنتجين في الولايات المتحدة بواقع 0.8% في نوفمبر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.6%، هو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.5%.
وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار المنتجين الأمريكيين بواقع 9.6% في نوفمبر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 8.8%، وهو أيضا ما تجاوز توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع أقل حدة بواقع 9.2%.
كما أظهرت أسعار المستهلك الأمريكي ارتفاعا إلى أعلى المستويات منذ عام 1982، وفقا للبيانات الصادرة الجمعة الماضية، وهو ما أدى إلى اكتمال الصورة أمام المستثمرين في أسواق المال وصناع السياسات النقدية فيما يتعلق بإمكانية تحول الارتفاع الحاد في معدل التضخم إلى وضع مستدام.
وتراجعت مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية إلى 184 ألف مطالبة في الأسبوع المنتهي في الثالث من ديسمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 227 ألف مطالبة، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى 215 ألف مطالبة.
ويشير ما سبق إلى أدنى مستوى لمطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في أكثر من نصف قرن علاوة على استمرار إجمالي المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية تحت مستوى 2.00 مليون مستفيد للأسبوع الثاني على التوالي.
وظهرت مخاوف في الأسواق حيال أن يؤدي هذا التحسن في بيانات التوظيف إلى المزيد من نمو الأجور، وهو ما يضيف إلى الضغوط التضخمية الحادة التي يعاني منها الاقتصاد في الوقت الراهن.
توجه البنوك المركزية الرئيسية
قرر بنك الاحتياطي الأسترالي الإبقاء على معدل الفائدة عند أدنى المستويات في تاريخ البنك المركزي 0.10% مع تثبيت جميع الأوضاع النقدية كما هي دون تغيير.
لكن البنك المركزي ترك الباب مفتوحا أمام توقعات رفع الفائدة في 2022 بدلا من التوقعات السابقة التي أشارت إلى رفع الفائدة في 2024، التي تصاعدت عقب إصدار بيان الفائدة، عندما أشار إلى أن الضغوط التضخمية تتزايد بسرعة أكبر مما كانت تشير إليه التوقعات.
كما أبقى بنك كندا على جميع الأوضاع النقدية دون تغيير، بما في ذلك معدل الفائدة الذي أشارت بعض التوقعات إلى إمكانية رفعه في اجتماع ديسمبر.
وأثار تلك التوقعات قرار البنك المركزي في الاجتماع السابق بوقف برنامج شراء الأصول باستثناء مشتريات سندات الخزانة الكندية.
ورغم خلو بيان الفائدة الصادر عن بنك كندا الأسبوع الماضي، أكد البنك المركزي أن أوضاع الاقتصاد العالمي والكندي في تحسن.
كما أشار البيان إلى أن معدل التضخم يواصل الصعود إلى مستويات تتجاوز التوقعات على مستوى الاقتصاد في كندا والاقتصادي العالمي على حدٍ سواء.
وكانت قرارات وتصريحات البنكين المركزيين جميعها في اتجاه التشديد النقدي، مما أدى إلى تصاعد توقعات الوقف الكامل لبرامج شراء الأصول، وهو ما يوفر صورة واضحة للتوجه المستقبلي للبنوك المركزية الرئيسية نحو التشديد النقدي، وهو التوجه الذي قد يتبناه الفيدرالي.
باول وجولدمان ساكس
قال رئيس الفيدرالي باول، أثناء شهادته على الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة أمام لجنة القطاع المصرفي في مجلس الشيوخ في وقت سابق من الشهر الجاري، إن الفيدرالي قد يبدأ في مناقشة إمكانية الإسراع من وتيرة خفض مشتريات الأصول في اجتماع ديسمبر الجاري.
ويخفض الفيدرالي مشتريات الأصول بواقع 15 مليار دولار شهريا؛ 10 مليارات من مشتريات سندات الخزامة الأمريكية و5 مليار من مشتريات السندات المدعومة عقاريا.
وبرر باول الزيادة في حجم الخفض بأنها قد تأتي في إطار الجهود الرامية إلى مواجهة الارتفاعات الحادة في معدل التضخم في الولايات المتحدة.
وجاءت تلك التصريحات لتعزز توقعات صدرت عن جولدمان ساكس بأن يبدأ الفيدرالي مضاعفة حجم خفض مشتريات الأصول في منتصف يناير المقبل ليكون إجمالي الخفض 30 مليار دولار شهريا؛ 20 مليار من مشتريات سندات الخزانة الأمريكية و10 مليار من مشتريات السندات المدعومة عقاريا.